بعد انتهاء الحرب الباردة و سقوط الاتحاد السوفييتي و سيادة أمريكا و دول الحلف الأطلسي
و بسبب اختلاف العرب حول الطريقة التي يجب فيها حل القضية الفلسطينية
تبلور محوران سياسيان متصارعان في المنطقة العربية حول رؤية الحل
المحور الأول هو العربي الإيراني ( محور المقاومة )
يقوم على عدم الاعتراف بإسرئيل و السعي لتحرير كامل التراب العربي و الفلسطيني
يراهن على حركة حماس و الجهاد الإسلامي الفلسطسينيتين و حزب الله اللبناني
أطرافه هم حركة حماس الفلسطينية و حلفائها من الفصائل الفلسطينية ، الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، الجمهورية العربية السورية ، حزب الله اللبناني و حلفائه.
هذا المحور يعتبر تهديدا لدولة إسرائيل في ظاهره السياسي إلا أنه على أرض الواقع:
- تم عزل حماس و الجهاد في الداخل السوري و اللبناني و في قطاع غزة المحاصرة و منع من النشاط في الأردن بسبب التوافق ما بين السلطة الفلسطينية و الحكومة الأردنية.
- تم ربط وجود حزب الله اللبناني بالدفاع عن الأراضي اللبنانية و تحرير ما تبقى منها إضافة إلى الاستفادة من مادته الشيعية الصرفة كدرع جيوسكاني قوي عل الحدود الشمالية لإسرائيل و السماح بمده بالأسلحة للدرجة التي يكون فيها أضعف من أن يهدد وجود إسرائيل و أقوى من أن تخترقه القوى الفلسطينية مثل الجهاد و حماس و غيرهما أو أي فريق يريد تهديد إسرائيل. و ينسجم في تركيبته و تنظيمه كنواة لدولة شيعية في مخطط الشرق الأوسط الجديد.
- و بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية فلا حاجة للقلق من خطابها الإعلامي الذي يهدف إلى بث الميل نحو التشيع في العالم الإسلامي و كسر تجانسه السني الواسع فقد حصلت إيران على ما تريد في العراق بالاتفاق مع الأمريكان ثم إن إيران لا زالت تدين بالجميل لإسرائيل لدعمها للثورة الإسلامية بالسلاح في حربها ضد العراق 1980 – 1988 و لا زالت إسرائيل أحد أهم زبائن النفط و الغاز الذي تنتجه ، و لا زال اليهود فيها يلقون أفضل معاملة على الإطلاق على وجه الأرض بتعدادهم الذي بلغ ما يقارب السبعين ألفاً و دور عبادتهم و أنشطتهم. و التي يحلم الأحوازيون السنة فيها بعشر ما يلقاه هؤلاء اليهود.
- و أما بالنسبة إلى سورية أيضا لا حاجة للقلق منها فإسرائيل السبب في وصول حافظ الأسد إلى الحكم بعد حرب 1967 وإسقاط الجولان و بقاء آل الأسد في الحكم حتى اليوم و ما حالة الحرب مع إسرائيل و الإبقاء على حالة الطوارئ إلا سبباً في البقاء أطول فترة من الزمن في الحكم و ما يعود عليهم من سلطة و سيادة و غنى و الحجة هي الممانعة و المقاومة. فلو انعقد السلام مع إسرائيل لزالت الأسباب الموجبة لحالة الحرب و الطوارئ و لفقدت الأسرة و طائفتها السبب في فرض وجودها كل هذا الزمن. و آل الأسد أثبتوا خلال الثلاثين سنة الماضية عدم رغبتهم في الدخول في حروب جديدة من خلال عدم السعي إلى تطوير الجيش السوري إلى المستوى الذي يهدد فيه الجيش الإسرائيلي و إحكامهم الحدود مع إسرائيل و عدم محاولتهم استرداد الجولان بالقوة كما فعل حزب الله في لبنان.
و بالنهاية تم التعامل مع هذا المحور بطريقة الكل رابح إسرائيل هدمت لبنان و قطاع غزة في حربين قاسيتين أثبتت فيهما قدرتها التدميرية الكبيرة و بالتالي أخذت إسرائيل ما تريد و أعطتهم ما يريدون و الكلفة الحقيقية دفعتها الفصائل الفلسطينية المقاومة حماس و الجهاد و الشعب اللبناني و السوري و الفلسطيني و العربي. أما إيران فقد ساعدت حزب الله فقط.
المحور الثاني هو المحور العربي الأمريكي ( محور الاعتدال )
يقوم على الاعتراف بإسرائيل و حل الدولتين الفلسطينية و الإسرائيلية
يراهن على حركة فتح و السلطة الفلسطينية و حلفائها
الأطراف هم حركة فتح و السلطة الفلسطينية ، الولايات المتحدة الأمريكية و حلفاؤها، جمهورية مصر ، المملكة الأردنية ، العراق ، المغرب ، موريتانيا ، الجزائر ، تونس ، ليبيا ، دول مجلس التعاون الخليجي ، تيار المستقبل اللبناني و حلفاؤه في لبنان.
هذا المحور ينسجم في رؤيته مع وجود دولة إسرائيل إلا أنه لا يتماشى مع أطماعها في الاستيلاء على كل فلسطين و طرد الفلسطينيين إلى الأردن و القضاء على فكرة العودة من جذورها.
على أرض الواقع كان التعامل مع هذا المحور هو الأصعب و الأدق و كان لا بد من الحوار و المفاوضات و تدخل العديد من الدول في الوصول إلى آليات توافقية تضمن للفلسطينيين حقوقهم إلا أن إسرائيل استطاعت بتغطية من الولايات المتحدة الأمريكية الاستمرار في كلا خطي العمل مشروع التوسع داخل الأراضي الفلسطينية و المفاوضات مع السلطة الفلسطينية التي لم تنتهي حتى يومنا هذا.
إلا أنه في النهاية أحرجت دولة إسرائيل أمام العالم لمماطلتها في قبول الحلول المقترحة و استطاع الفلسطينيون تجريمها في حرب لبنان و غزة و فضحها و كشف عنصريتها و كانت تكلفة مواقف هذا المحور غير مؤذية للفلسطينيين و العرب إجمالاً.
و الخلاصة:
أنه لم يخف على العرب المخطط الأمريكي القاضي إلى إعادة تقسيم دول الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة و كون هذا المخطط لم يناسب أياً من أطراف المحورين الإيراني و الأمريكي و الوقوف في وجهه حتى الآن.
كما أن مواقف أطراف المحور العربي الأمريكي كانت شفافة ليس لها أجندات خفية اتسمت بالواقعية و إدراك حقيقة الواقع العربي و ضعفه على كل المستويات و الحاجة إلى الاستفادة من موارده في التنمية و التطوير و إيقاف نزيفها في حروب لا تعود بأي طائل على الأمة و أبنائها.
في حين أنه كان لأطراف المحور العربي الإيراني أغراض خفية ابتداءً من الاستيلاء على السلطة في لبنان و المحافظة على الاستبداد في سورية و العمل على دعم المد الشيعي في المنطقة لصالح إيران و الاستئثار بموارد سورية لحساب أسرة واحدة على حساب الشعب السوري كله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق