الاثنين، 25 مارس 2013

فتنة البوطي في بيعة الأسد ..



لقد تجنبت الحديث عن البوطي زمنا طويلا ليس فقط بسبب موقفه من الثورة بل بسبب موقفه من البيعة و طلبه من مسلمي سورية مبايعة حافظ الأسد في عام 1988 ثم موقفه من القتيل باسل الأسد ، حيث اعتبر الأول هو إمام للمسلمين و هو القائد المؤمن و اعتبر الثاني شهيداً استحق مقعده في الجنة ..
و قد هزتني مواقفه آنذاك و تسببت لي بصدمة كبيرة و أنا الذي قرأت له كل ما كتب حتى ذلك الوقت و استفدت من علمه الشيء الكثير حتى لأني كنت أعتقد أنه إمام العصر .. لقد كانت فاجعتي به كبيرة إذ لم يكن يخفى على ذي بصيرة من هو حافظ الأسد و ماذا فعل و لمن كان ولاؤه !!!
و أيامها قررت ألا أقرأ أو أسمع له شيئاً .. و لا أخفيكم كم عرضني هذا الموقف آنذاك للخطر ..
و بطريقة أو أخرى و مع الوقت وجدت له عذراً كما كنا نجد الأعذار للكثيرين منا بسبب جور نظام الأسد و طغيانه و دموية أجهزة أمنه .. و قلنا حينئذ لعلنا ننتفع من علمه و نترك عنا تصريحاته للإعلام في القضايا السياسية .. لكن مواقفه من الثورة لم تترك لنا و قلنا لعله يرى الحقيقة و يقف مع الشعب إلا أنه و بشهادة العديد من طلبة العلم منهم الشيخ محمود الدالاتي الذي أكد أن البوطي كان يعلم تماما ما يحدث لكنه لا يرى الخروج على ولي الأمر .. قال البعض لعله سينقلب على ولي أمره عندما يكتشف أنه وراء المجازر و قتل العزل و المدنيين ، و انتظر الجميع و انتظرنا ، لكن نفس المواقف ..
و حينما حمي الوطيس و كاد الجيش الحر أن يقلب المجن ، خرج الرجل يعلن الجهاد على الثورة و الثوار .. عجبا لغي هذا الرجل ، أين يريد الوصول؟

أما فيما يتعلق بالبيعة و فتنة البوطي ففي الواقع كان الجميع قد شهد أن محمد سعيد رمضان البوطي لم يكن مستفيدا من النظام لا بمال و لا بجاه و أنه عاش زاهدا ، إذا ما السر وراء هذه المواقف المؤيدة للظالم على المظلومين ؟!!
الجواب بسيط أيها السادة إنها فتنته التي أعلنها في ثمانينيات القرن الماضي البيعة للأسد ، و من كان يعلم ما البيعة عند المسلمين فهو يعلم لماذا البوطي وقف هذا الموقف . و ما لقيه يوم الجمعة على أيد زبانية ولي أمره إنما هي ثمرة بيعته ، و ما لقيه أهل سورية حتى اليوم إنما كان بسبب فتنته التي دعى لها .. و كأن الحق جل و علا يقول له و لمن تبعه "ذوقوا بما كسبت أيديكم" ..

في نهاية المطاف أقول لكم أيها الأحبة إني أشعر بغصة تكاد تخنقني ، البوطي واحد منا و ممن وقف مع عدونا لضربنا !!!! البوطي قد مضى إلى الديان لكن ما الدرس الذي علينا أن نفهمه ؟
أتساءل متى سنكون يدا واحدة أمام أعدائنا ؟ متى سنفهم أن استمرار وجود الأعداء بيننا رهن بتفرقنا و خلافاتنا (لا اختلافاتنا) ؟ متى سندرك أن الاختلافات أمر طبيعي يجب ألا تتحول إلى خلافات فتفسد وحدتنا و تضامننا و وقوفنا في وجه أعدائنا ؟ حتى متى سنبقى وقودا لآلة مصالح أعدائنا ، يضربنا بعضنا ببعض ليحقق أهدافه على حسابنا ؟

أما ما يتعلق بالبيعة ففي الواقع كان العرب عند دخولهم الإسلام يبايعون رسول الله عليه الصلاة و السلام على السمع و الطاعة في المنشط و المكره ثم أخذت البيعة لخلفائه من بعده ، حتى افترق "السلطان عن القرآن" فأصبحت البيعة تؤخذ للسلطان ، و هذا ما درج عليه فقهاء أهل السنة ..
و عندما تولى حافظ الأسد الحكم في سورية بعد الانقلاب المسلح في تشرين 1970 و رتب لتولي رئاسة الجمهورية عرف أن الناس لن تبايعه فكان عليه أن يعلن إسلامه و تسننه و هو نصيري ، فافترق فقهاء أهل السنة في سورية على قضية البيعة له ، إذ أنه قدم بانقلاب عسكري و لم يأتي عبر الانتخاب الذي كان يعتبر بمثابة البيعة ، و غض الأسد النظر عن البيعة حتى يكتمل استحواذه على السلطة .
و بقي الناس يضمرون في صدورهم و لا يظهرون بسبب تسلط الأسد عليهم و إعمال السيف فيهم آنذاك . و كما نعلم لم يستتب الأمن لحافظ الأسد في ذلك الوقت إلا بعد تدمير حماة و قتل أو زج معظم النخب السنية في السجون ثم ترك الأخوان سورية له فنال ما يريد .
لكنه كان يعلم أن وجوده في الحكم وجود المغتصب فدأب على استغلال كل مناسبة ليظهر للعالم مدى حب الناس له و رغبتهم به و به وحده ، و مع ذلك لم يقنع بما وصل إليه و بقي يطمح لنيل البيعة عن رضى و كأنه الحاكم الشرعي ، خاصة بعد أن دجن جيلاً جديداً من السوريين . و كان البحث لا زال قائماً عمن يقدم له هذه الخدمة عن قناعة و ليس مقابل ثمن ..
و وقع الاختيار في عام 1986 م على البوطي لعلمه و نزاهته و زهده و مكانته بين الناس فقربه حافظ الأسد فترة طويلة و أراه من نفسه الإيمان و التقوى و الحكمة حتى أقنعه فغفل البوطي عما اقترفت يدي حافظ الأسد من اغتصاب للسلطة و سفك للدم و تسلط على الحقوق و غفل أيضاً و هو الأهم عن مراده و نيته البقاء في السلطة و توريث الحكم لأبنائه من بعده ، فظن أنه كرئيس شرعي تجب له البيعة ، فنادى عام 1988 م أو ربما في عام 1989 م بوجوب البيعة له و عدم صحة البيعة لغيره ، و لما سمعته حينها صدمت لهذا الطلب و سألت بعض العلماء وقتها اكتفوا بالقول هذا جائز للحاكم و لم يعقبوا ، لكن مشايخ الصوفية اعتبروه خروجاً عليهم ، فمن المعروف عند أهل التصوف أنهم يأخذون البيعة من المريدين لشيخ الطريق في ما يتعلق بالأمور الشرعية و الاجتماعية مصداقاً للآية الكريمة : "و الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم" الفتح الآية ( 10 ) ، و ما ورد في الحديث عن حكم البيعة على المسلم "ومن مات وليس في عنقه بيعة مات مِيتة جاهلية " رواه مسلم ، فكان الناس يكتفون وقتها بهذه البيعة لتحقيق شروط دينهم و يدعوون الله إما أن يصلح ولي أمرهم أو يخلصهم منه . حتى جاء نداء البوطي ففتح المجال أمام الكثير من الناس و من المشايخ من ضعاف الهمم و من الراغبين بالدنيا كيفما تأتي إلى الانبطاح تماما على أعتاب آل الأسد و قبول كل ما يملى عليهم بدون قيد أو شرط . و أصبح الناس يعتبرونه ملكاً متوجاً لا موظفاً رئيساً ..
فكان طلب البيعة لحافظ الأسد يومها هي فتنة البوطي التي افتتن بها و تسبب في افتتان الكثير من السوريين آنذاك ..

الأربعاء، 16 يناير 2013

تأسيس الأحزاب و الجري أمام الصعاب ..



افتتاح الشركات أو المحلات التجارية أو حتى المطاعم أهم بكثير هذه الأيام عند السوريين من تأسيس حزب جديد ..
ففي الوقت الذي لا يمكن إطلاق أي منها إذا لم يتوفر المكان و الكوادر الخبيرة و رأس المال الكافي مبدئياً للتشغيل .. هذا ناهيك عن تحديد نوع المنتجات أو الخدمات التي ستقدم بالشرح و التفصيل و معرفة العملاء المستهدفين مسبقاً فإن الإعلان عن أي افتتاح بدون توفير هذه الأساسيات هو خسارة محققة و هدر مؤكد للمال و الجهد و الوقت ..
أما تأسيس و إطلاق الحزب فيلزمه فقط ورقة المبادئ الأساسية و أما المفكرون الذين يمكنهم كتباتها فعددهم كثير بحسب المثل القائل "على أفى مين يشيل" و قلة من السوريين هم الغير قادرين على إخراج ورقة المبادئ هذه ..
و كم دكتور على كم مهندس على كم أستاذ يمكنهم ملئ المنصة و الصف الأول في أي صالة رسمية و بالتالي يمكنهم الدعوة إلى الإعلان عن تأسيس حزبهم ..
فالمهم عند أحبابنا السوريين هو الفكر و المبادئ و الاسم الرنان .. أما العمل و النضال السياسي و المؤهلين لإدارته و تنظيمه فهذا شيء مثله مثل الشعار و المطبوعات يعتبر من كماليات العمل السياسي .. المهم الإعلان عما يجيش في الصدور و لو على ناصية الطريق ..
طبعا ناصية الطريق اليوم أصبحت تمثلها الكثير من الفضائيات و الجرائد .. و وكالات الأنباء هذه شغلتها كما تعلمون .. و المثل يقول "فلان وكالة أنباء" .
أما أن تهتم فضائية مثل العربية أو الجزيرة أو البي بي سي أو الفرنسية24  أو السي إن إن أو الفوكس نيوز أو أي من مثيلاتها فهذا فعلاً اهتمام من الإعلام ..
لكن ما لا يعلمه أحبابنا الذين ينفسون عما يضيق في صدورهم أن اهتمام الإعلام بإعلانهم التأسيسي سوف يعقبه ازدراء الإعلام في حال تأخروا بالوفاء فيما ألزموا أنفسهم به و سحب الثقة في أعمال أخرى .. و بالتالي سوف يرمي كل واحد منهم المسؤولية على الآخرين ليبرئ ساحته و خصوصاً التنفيذيين كما حصل في المجلس الوطني و يحصل دوماً في كل المجالس الثورية و العسكرية و الأحزاب و الهيئات و التيارات و التجمعات و الائتلافات التي ظهرت حتى اليوم ..
أخبرني أحد الأصدقاء الذين يعملون في السياسة أن ابنته طلبت منه ذات مرة أن يخبرها عن نشاطه السياسي حتى تكتب موضوعا لمادة التعبير طلبته منها المدرسة فقالت له: بابا أنت منذ أكثر من سنة تجلس على السكايب فترات طويلة و يعلو صوتك كثيرا و أكثر الأحيان تسافر من أجل الحزب فأخبرني ماذا تعملون و ماذا فعلتم حتى الآن ؟
فقال لي: جلست عشرة دقائق محتارا ماذا أقول لها ؟!! حتى نسيتها !!
فنكزتني .. قائلة: هي بابا نحن هنا !! أخبرني ..
فقلت لها: نجتمع و نناقش قضايا كثيرة تتعلق بالحكم و بالدولة و المجتمع و الصراعات التي تخوضها الأمة و ننتخب من يقود الحزب و من يعمل أمينا عاما فيه و من هم أعضاء الأمانة العامة و من هم أعضاء المكتب التنفيذي و من هم رؤساء اللجان و من هم المندوبون و من هم المستشارون و كيف ستتم الانتخابات و من أين سنمول الحزب و كيف نزيد عدد أعضائه و كيف نمول أنشطته ..
فقالت و ماذا حققتم حتى الآن ؟ فشردت عشرة دقائق أخرى أتساءل هل أخبرها الحقيقة أم أكذب عليها ؟ فقررت أن أصدقها !! فنكزتني ثانية .. فقلت لها: كنا في البداية عشرون نختلف على أمر فنتفق عليه خلال ساعات فأصبحنا خمسون عضواً نختلف على أمر فلا نتفق عليه إلا بالتصويت بعد شهر أو أكثر .. فرفعت حاجبيها متعجبة و قالت ثم ماذا ؟ فقلت نظمنا مؤتمرا و انتخبنا قادتنا ثم أصدرنا عشرات النشرات السياسية و كما انتخبنا قيادات الحزب في البداية قمنا بإقالتهم لفشلهم ثم أعدنا انتخاب غيرهم و يبدو أننا سنصوت على إقالتهم الاجتماع القادم .. قالت و ماذا أيضاَ ؟ قلت لها استطعنا جمع عشرة آلاف دولار لمساعدة أهلنا في سورية و أرسلناها مع رئيس اللجنة الإغائية فصرف ربعها حتى يوصلها فعزلناه .. قالت ثم ماذا ؟ قال : أوووف هذا يكفي .. قالت: بابا هذا لا يكفي لقد درسنا سير أحزاب غيرت الدنيا في مادة التاريخ و أنت تخبرني أشياء كالتي تحدث معنا في الصف لانتخاب عريفة الصف و لجنة النشاطات و توزيع المهام .. و مضت منزعجة جداً تقول بابا أتستخف بي ؟!!؟!!؟
قال لي و الله استحييت منها و من نفسي .. و احترت هل أنسحب من الحزب أم لا ؟..

الاثنين، 31 ديسمبر 2012

بين الإخلاص و الإفلاس



فلان بن فلان رئيس مجلس إدارة رابطة كذا و رئيس مكتب تنفيذي في تجمع كذا و منسق عام في تنسيقية كذا و مدير العلاقات العامة في مجلس كذا و مدير البرامج و الخدمات في ائتلاف كذا و مسؤول مالي في حزب كذا و عضو الأمانة العامة في لجنة كذا و عضو مجلس الإدارة في هيئة كذا و مسؤول الإعلام في مؤسسة كذا .. شي أربع و أربعين منصب أو وظيفة ..
و الأسبوع الماضي دخل في مشادة مع أحد أعضاء أحد التيارات لرفضهم تسميته في منصب من المناصب التي توزع على الأحباب ..
و الذي يعتقد أني أمزح فهو متفاءل كثيرا .. أنا أؤكد لكم أني أروي لكم الحقيقة و حتى لا يكون تشهيرا لم أذكر الاسم ..
و للمعلومية يوجد من هذا الطراز الكثيرين بعضهم بعشرين منصب و بعضهم الآخر بخمسة عشر و بعضهم بعشرة و بعضهم بخمسة و نادرا ما تجد ناشطا بمنصب واحد ..
و حتى لا تقولوا لي و أنت لماذا تستثني نفسك أقول : أما بالنسبة لي فأنا بالإضافة إلى العمل الذي أقتات منه فإني أقوم بمهام الرئيس التنفيذي في الجالية أسد معها بعض النقص في مجلة الجالية و بعض الأعمال في الإدارة بسبب "جماعة الأربعة و أربعين" و من على سنتهم و منهجهم و الباقي هي عضويات لا أتحمل معها أية مسؤولية .. و بالرغم من التخطيط للقيام بحق هذه المسؤوليات إلا أنني أجد نفسي متعبا دائما و مقصرا بحق بيتي و أولادي ..
لكني أتساءل و أسألكم جميعاً:
بالله عليكم ألم يسأل أحدكم نفسه كيف سيؤدي مهامه تجاه أكثر من وظيفة إضافة إلى عمله الرئيسي ؟
بالله عليكم ألم يسأل أحدكم نفسه كيف ستنجح المنظمة التي اعتمدت عليه و هو لديه مسؤوليات في أربعين منظمة ؟ أو حتى اثنتين أو ثلاثة ؟
بالله عليكم كيف تعتقدوا أن الناس سيثقون بهذه المنظمات التي تؤسسونها و يرون أسماءكم تتكرر في معظمها ؟
بالله عليكم كيف تثقوا بأنكم ستحققوا النجاح ؟
بالله عليكم لم لا تفسحوا المجال لغيركم ؟
بالله عليكم هل أنتم جادون فيما تفعلون ؟
بالله عليكم ما الطراز القيادي الذي تقتدون به أو من هي الشخصيات القيادية التي تعتبرونها مثلا أعلى لكم غير شخصيات حزب البعث و عصابة الأسد ؟
متى ستنتهي هذه الحالة من استغباء الناس و استجهالهم و اللعب على حاجاتهم و عواطفهم ؟
بالله عليكم متى ستنتهي هذه الحالة من الاستهتار بالموارد و الطاقات و الخبرات و الأوقات ؟
بالله عليكم متى سنقوم بعمل جيد نخلص في أداء حقه و نحقق أهدافه ؟
و يتهمونك بإحباط الناس إذا قلت لهم الحقيقة المرة ، و هي أن أزمتنا لا زالت مستمرة و أن المتآمرين علينا لا زالوا يراهنون على تشتتنا و شرذمتنا و هدرنا للفرص و الموارد و تسمع من هنا و هناك من يقول لك : تعبنا و لم نعد نحتمل أكثر ..
و أقول لما لا تستريحوا و تريحوا ؟ لما لا تتخصصوا بحسب اختصاصاتكم و تضعوا مصالحكم في أيدي خبرائكم ؟ ألم تستمعوا إلى رسول الله يقول : "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" ألم تعلموا أن الله يقول في محكم التنزيل :"و اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنين"
ألا تخشون دعاء الناس عليكم ؟ طيب .. ألا تخشون حساب الله لكم ؟
هل من المعقول أن يطلب صاحب المناصب رضى الله بسخطه ؟!!!!!!!!!!!!!!!
و أنتم أيها الناس تعذرونهم و تعطوهم الأعذار العذر تلو العذر هل اعتدتم وجود أسد في حياتكم تحنون إليه بعد طاغيتكم الذي تحاربونه ؟
تستجيبون لهم و لا تمنعون عنهم مواردكم و لا طاقاتكم و لا أوقاتكم و فوقها تعذرونهم و تطلبوا لهم الأعذار .. ثم يأتي أحدهم و يقول ما قال رسول الله في حق صيانة المحبة بين الأهل و الأقارب و الأصدقاء و الجيران "أعط أخاك سبعين عذرا فإن لم تجد فاتهم نفسك" ليجعلها ذريعة لتقاعسه عن رد الحيف الذي يقع على الناس و ليسكت من يطالب بالحقوق ..../.، ألم تعلموا أن الساكت عن الحق شيطان أخرس ..
و الله ما هذا بالإخلاص .. ما هذا إلا إفلاس ..

السبت، 29 ديسمبر 2012

تيتي تيتي ..




لقد اعتدت على موضة وجود ما يسمى رؤية و رسالة المنظمة في مطبوعاتها الرسمية طبعا أسوة بالمنظمات الغربية و غالبا ما يكون المكلف باختيار أفضل العبارات الرنانة هم أصحاب اللغة العربية .. مع أن الرؤية هي الهدف الاستراتيحي البعيد و الرسالة هي توضيح لكيفية الوصول إلى هذا الهدف الاستراتيحي البعيد إلا أن التقليد الأعمى تطلب ذلك و ليست الحاجة إلى التخطيط الاستراتيجي الذي بقي حبيس دماغ المؤسسين .. 

و مع انتشار ظاهرة تأسيس المنظمات بين أفراد المجتمع السوري فقد ظهرت موضة جديدة هي موضة الهيكل التنظيمي الذي و بنفس الطريقة تم التعامل معه على أنه زركشة إضافية لمطبوعات المنظمة و فقرة ترفيهية تدرج في جدول أعمال معظم لقاءات المنظمة ، يقوم أحد أعضاء مجلس الإدارة الظرفاء بالحديث عن هوايته و هواية زملائه بقية أعضاء مجلس الإدارة في اهتمامهم في رسم المربعات و المستطيلات و الربط بينها بطريقة فنية تتناسب مع شريحة العرض من جهة و بما يتنافس مع ما يرسمه الغربيون باللون و التشكيلات الهندسية ، و ذلك خلال فقرة الشرح لهذا الهيكل التنظيمي .. و الملفت للانتباه هو الاعتبارات الحديثة عند هؤلاء القوم الظرفاء "المؤسسين الجدد" من أن التوفير في استخدام المربعات و المستطيلات و ترك عدد منها بلا ارتباط و توزيعها على شرائح العرض بطريقة متناسبة و متناظرة هو اكتشاف نوعي لمبدأ جديد أسموه "الرؤية العامة في عرض الهياكل التنظيمية" ينسب لهم في هذا العصر و طبعا يعقبون بكل تواضع أن الفضل للثورة ..

و الجدير بالاهتمام أن الجميع يرى الضرر بأم عينيه بسبب عدم وجود التخصص إلا أنهم متفقون على مبدأ "أعطوه وقت" عند التعليق على ما يهدر في عملية التأسيس من طاقات و موارد ، بدعوى أن التأسيس يحتاج إلى وقت طويل و إلى تجارب كثيرة و يجب أن يعطى القائمين على التأسيس بضع سنين ليستكملوا تنظيمهم ..

و هذا حقيقي فالسوريون لم يكونوا يوما عابئين بالموارد أو بالوقت و إلا لما بقي آل الأسد كل تلك السنين ، و لا أظنهم بعد الثورة أصبحوا عابئين .. لا زالت المناصب تعطى للأصدقاء و الأقرباء و لا زال المشايخ يباركون لمن يكرمهم و يظهرهم و يضع أسماءهم في قوائم المؤسسين و يحاربون من لا يحذو حذوهم .. و لا زال الخبراء و أهل الفن مستبعدون لألا يكشفوا المستور فيقع المحظور و ينطبق عليهم المثل المشهور "تيتي تيتي مثل ما رحتي مثل ما جيتي" لا .. و فوقها الفضيحة أيضاً .. و على الله ..


الأحد، 23 ديسمبر 2012

الصداقة و الحاجة ..

بعض دعاة الصداقة و المحبة الأخوية عندما تكون بغنى عنه تراه في كل مكان تذهب إليه يكاد يخرج لك من الجوال في بعض الأحيان من كثرة الرسائل التي يرسلها و الأشواق التي يبثها و في بعضها الآخر تتوقع أن يخرج لك في المنام من شدة حبه و ملازمته لك .. فتقول يا لحظي السعيد بالأصدقاء .. لكن بالخبرة و كثرة التجارب تقول ماذا لو أظهرت له أنك بحاجة ماذا سيفعل ؟
و أقول لك ، إياك أن يلمس لديك حاجة ما أو يكتشف أنك بحاجة إلى مساعدة في أمر ما فإنه يبدأ بالتعالي عليك متجاهلاً حاجتك ثم يخطط للانسحاب شيئا فشيئا من حياتك فإذا تأكد أنك ستحتاجه فعلاً و قد تطلب منه المساعدة فاعلم أنه سيختفي للأبد و لن تراه بعدها أبداً .. و هذا النوع أصبح مألوفاً في هذا الزمان و لن يصدمك فعله بل ربما تتوقعه مسبقاً ..
لكن ذاك الذي يحس بحاجتك للمساعدة فيستبقك فيفتري عليك متذرعاً بشيء لا يخطر على بال بشر ، من مثل لم يسلم علي بشكل لائق ؟ أو لم رد عليّ بتكبر ؟ أو لم تجاهل رغبتي ؟ ، كل ذلك ليقطع عليك الطريق فلا تستطيع أن تسأله أو تطلب منه حتى ، و تصبح تتمنى لو يكف عنك بلاه ..
إذا واجهتك مثل هذه القصص فاعلم أن الله قد أراد لك خيراً بوضعك في هذه الضائقة ليكشف لك ما غاب عنك و يدلك على ما فاتك فاحمد الله ..
لكن صديقي الذي ليس له مثيل عندما أحس بحاجتي التي لم أتأكد أنها واقعة بي بعد ، ذهب يتلمسها ليقطع عليها الطريق أن تصيبني و لم يفتر له جهد حتى قضى أمري و أنا لا أعلم ..
صديقي و أخي فداءك نفسي لا أجد نعمة في هذه الدنيا توازي العافية في الدين و البدن إلا وجودك بقربي .

الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

الضوابط و المعايير بين الاختلاف أو الخلاف



السعي وراء المصالح بدون وضوح الضوابط و المعايير هو بمثابة جلب الضرر من حيث لا نعلم و قد وصف الرسول عليه الصلاة و السلام صاحب الحاجة بالأرعن و كذلك وصف القرآن هذه الحالة عند البشر بقوله تعالى : " ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير " فالأولى دلت على سوء التصرف و الثانية دلت على فقدان الغاية .. و حين لم يقل "يدع المؤمن بالشر دعاءه بالخير" لأن الإيمان هو إحداث هذه الضوابط و المعايير في حياتنا و العمل بمقتضاها ، فالإيمان ما وقر في القلب و صدقه العمل ، و حتى ينجح العمل و يلتزم بهذه الضوابط و المعايير فلا بد من الدساتير لتنظيم العاملين و القوانين لتحديد مسؤوليات القائمين عليه و اللوائح التي تشرح طريقة القيام به .. لماذا ؟ لمنع الاقتتال و الفساد و الهدر و الاستفادة من الموارد و التركيز على الوجهة ، ذلك كله لما ؟ لتحقيق المصالح التي و إن شابها بعض الضرر أو الانحراف البسيط كان سهل تجاوزه و عدم التعقيب عليه ..
لذلك عندما يحدث الاختلاف في طلب المصالح و تكون الضوابط و المعايير واحدة لا يؤدي ذلك إلى الخلاف و يمكن الوصول إلى حلول مهما اختلفت الدساتير و القوانين .. بينما يقع الخلاف حتى و إن اتفقت المصالح لاختلاف الضوابط و المعايير و إن اتفقت الدساتير و القوانين ..
و الاختلاف كما قيل لا يفسد للود قضية لكن الخلاف يصل بالمختلفين إلى العداوة و الاحتراب ..
و الضوابط و المعايير ليست قوانين أو دساتير إنما هي قيم و أخلاق .. و قد قال عليه الصلاة و السلام "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" فعندما أتمها أصبحت الشريعة حاجة ضرورية لازمة لتحقيق المصالح و ليست فرضاً قسرياً على الناس .. و لم يفضي الاختلاف في فهم بعض أبواب الشريعة إلى الخلاف كما هو حاصل اليوم و لم يؤثر ذلك على وحدة الأمة و قوتها بل زاد في مناعتها و قدرة دينها على النفوذ إلى الأمم بالحجة و المنطق لا بالقوة و الإكراه .. و بالتالي استطاعت تحقيق كل مصالحها ، و من نازعها و حاربها كان ممن اختلف معها في الضوابط و المعايير و أما الاختلاف في الشريعة فكانت له حلول كثيرة معظمها قد حض عليها الكتاب و السنة .. و اليوم أرى التاريخ يعيد الكثير من نفسه في أحداث الثورة السورية و ما يدور بين مكونات الشعب السوري .. سائلاً المولى القدير أن يرينا الحق حقاً و يعيننا على اتباعه و أن يرينا الباطل باطلاً و يعيننا على اجتنابه ..

السبت، 15 ديسمبر 2012

حرية الأذهان أولى من حرية الأبدان


مع كل فتنة أخرجتها أجهزة النظام الأسدي لضرب الناس بعضهم ببعض ، سقط معها عدد من الناشطين الذين كنا نعتبرهم أعمدة للثورة و سنداً لوحدة الشعب ، و أقل ما اعتقدناه بهم أنهم الشخصيات الوطنية الواعية التي لن نغلب و هم معنا في ركب الدفاع عن قضايانا و طموحاتنا ..
لكن رب ضارة نافعة فمع طول المحنة و كثرة الامتحانات التي سقط معها الكثير لم نعدم الشرفاء أهل العقل و الفهم و الذوق الذين يجمعون الناس و لا يفرقون ، أهل الحق الثابتين على العهد ، الراسخين في العلم ، الذين لا يميلون مع الأهواء ، و لا ينقلبون مع الأراء ، مصادرهم دقيقة لا تقبل القيل و القال ، و أحكامهم سديدة لا تحكمها الأمزجة أو المصالح ، لا يظلم عندهم ضعيف أو امرأة أو شيخ ، و لا ينتصف لديهم أهل القوة أو السلطان أو المال ، إذا نظروا دققوا و استبانوا و حققوا ، و إذا حكموا عدلوا و لم يسرفوا أو يفرطوا ..
أما أنتم أيها الضعفاء الذين كلما دارت الدوائر أو مالت الموازين أو لعبت الأهواء لم يقع الحيف إلا عليكم ، و لم ينتقص إلّا جانبكم ، ليس لكم إلا أصواتكم الضغيفة و كلماتكم اللطيفة ، تنافحون بها عن حقوقكم التي لا ينتقصها إلا أهل النقص و لا يترها إلى أهل الخسة ، لا تظهر رجولتهم إلا جرأة عليكم ، و لا يسمع نقدهم إلا فيكم ، أمنوا الحساب فافتروا ، و طمعوا في المديح فاغترّوا ، و ما لكم ناصر إلا الله ، و ما لهم إلا الشيطان خاذل ، فلا تبتئسوا رب ضارة نافعة و رب مظلمة في الدنيا رافعة عند الله أعلى الرتب ..
و مهما طال الزمن فلا بد للحقائق أن تنجلي و لا بد للأقنعة أن تنكشف و لا بد للحق أن يعلو و لا بد للقيد أن ينكسر ..
سائلين المولى العظيم أن تتحرر الأذهان كما تتحرر الأبدان .. و ألا يكون الدين إلا لله و لو كره المنافقون ..