الأحد، 31 يوليو 2011

إلى أين تسير الثورة و ما الذي تسعى إليه ؟

by جميل داغستاني on Sunday, July 31, 2011 at 10:56am


 إى أين تسير هذه الثورة التي تصر على السلمية ؟ فالقتل أصبح كثيراً لا يطاق و الانشقاقات المتكررة في تشكيلات الجيش التي تصطدم مع بقية قوات الجيش و أجهزة الأمن باتت تهدد سلمية الثورة و تنذر بحرب أهلية لا تبقي و لا تذر ، و أصبح التحول إلى النموذج الليبي أو العراقي أقرب إلى الواقع منه إلى التوقعات. فهل هذا ما تسعى إليه الثورة ؟

لنضع أرضية منطقية للإجابة على هذا التساؤل و نسأل سؤال بسيط ، هل سورية دولة مؤسسات و قانون أم دولة استبداد و أجهزة أمن فوق القانون ؟
فالدول التي تحكمها المؤسسات و القوانين هي دول حكوماتها تستمد السلطة من الشعب ، أما الدول الاستبدادية التي تحكمها أجهزة الأمن الفوق القوانين فهي دول الشعوب فيها ترزح تحت احتلال أنظمتها الحاكمة ..

و الآن لنسأل هذا السؤال المشروع:

من خطط للثورة ؟

من المعلوم أنه قبل 15 آذار 2011 م كان من المستبعد عند جميع السوريين قبل اندلاع الاحتجاجات في درعا أن تنطلق ثورة في سورية لأسباب الكل يعرفها ، و كان الحراك الذي ظهر هنا و هناك بالتواكب مع مجريات الثورة التونسية و المصرية و الليبية لا يعدو كونه تحركات شبه فردية و لا تعبر عن توافق معلن للسوريين بإشعال ثورة، و لذلك لم يكن هناك قيادات فعلية لهذه الاحتجاجات التي تحولت فيما بعد إلى ثورة ، و حتى المعارضة في الداخل و الخارج لم تستطع أي منهما أن تشكل تهديداً و لو غير مباشر للنظام بالرغم من المؤتمرات و الاجتماعات التي عقدت هنا و هناك لإحداث تغيير على الأرض ، لا بل كشفت عن عمق في الخلاف بين أطياف المعارضة و عن صبيانية في التعامل مع الأحداث لم تبلغ مستوى الدم الذي أريق على محراب الحرية التي سعى لها الثوار السلميون في الداخل.

فإلى أين تسير هذه الثورة ؟
لقد انتقلت الاحتجاجات الشعبية من طور الاحتجاج إلى طور الثورة عندما تغيرت مطالبها من رفض الظلم و قمع الحريات إلى المطالبة بتغيير النظام كله و تغيير القيم التي تحكم المجتمع و الدولة معاً ، فبات هدف الثورة هو إسقاط النظام الحالي و استعادة الشعب للسلطة كاملة من هيمنة الفئة التي استولت عليها ، و مع كل يوم يمضي يزداد فيه الثائرون وعياً و نضجاً و إصراراً لتحقيق أهدافهم و بناء دولة جديدة تضمن الحريات العامة و تصونها مع الحفاظ على الوحدة الوطنية و الالتزام بقضايا الوطن و أهله و رفض التدخل العسكري الأجنبي.

إذا كانت التظاهرات سلمية فلماذا استخدم الجيش لفضها ؟
و هل إقحام الجيش استطاع أن يقدم حلاً ؟
و ما قصة الانشقاقات ؟

إن إدعاء النظام بوجود عصابات مسلحة قد انكشف زيفه من أول يوم في تاريخ الاحتجاجات و لم يعد يقدم أي دليل أو يثبت أي إدعاء و لم يعد نافعاً كحجة لإقحام الجيش ، و السؤال بسيط : لماذا يقوم قناصوا الأمن باصطياد المتظاهرين العزل بالرصاص الحي و ينهال عليهم عناصر الأمن بالضرب حتى يجهزوا عليهم إذا كانت العصابات المسلحة هي المسؤولة ؟!! فأين هي هذه العصابات المسلحة في الواقع بعيداً عن تلفيق الإعلام و إدعاءات أبواق النظام ؟!!

و إذا كان دخول الجيش إلى المدن قانوني و طبيعي وللحفاظ على مصالح المواطنين ، فلماذا تنشق كتائبه و فصائله و تقتتل فيما بينها بحجة الدفاع عن المدنيين العزل ؟!!

إن إقحام الجيش في فض التظاهرات كان تكتيك استباقي الهدف منه وأد الثورة في مهدها ، و قد كان من المتوقع حدوث الانشقاقات في صفوفه منذ البداية و قد حذر الكثيرون من استخدام الجيش في الحل الأمني ، فالطريقة التي اعتمدتها قيادات الأجهزة الأمنية في التعامل مع الجيش و المتظاهرين كانت فاشلة بجدارة ، إذ اعتمدت على إخفاء الحقائق و تلفيق الأحداث بسبب توقعها الخروج من الأزمة بسرعة و إعادة الجيش إلى ثكناته بدون أن يطلع على الحقيقة كاملة.

لكن اتساع رقعة الاحتجاجات و ازدياد أعداد المتظاهرين و بالتالي ازدياد أعداد القتلى و المعتقلين جعل المهمة صعبة تستغرق و قتاً أطول ، مما أدى إلى كشف الحقائق و إطلاع أفراد الجيش على مجريات الأحداث ، فرفض العديد منهم الأوامر بإطلاق النار على المدنيين و بالتالي تعرض هو لإطلاق النار من قبل رجال الأمن المرافقين ، و مع كثرة الحوادث المشابهة ، بدأت ظاهرة الانشقاق بالتزايد و بدأت الأعداد بالزيادة أيضاً.

إن دخول عناصر منشقة من الجيش إلى معادلة الصراع بين الشعب و النظام ممن أبت عليهم ضمائرهم إلا أن يدافعوا عن المدنيين العزل في مواجهة الأمن و عصاباته سيفرض على الثورة الدخول في نفق خطرتكثر معه الدماء و الضحايا و ينتشر الدمار.

فما الحل إذاً ؟

الرجوع إلى البيوت بدون حتى محاسبة أو محاكمة للمجرمين ، بعد آلاف الضحايا و المعتقلين و المهجرين المفقودين و بعد الاعتداء على الأعراض و الأملاك و بعد الإذلال المتعمد و بعد قتل الأطفال و ترويع النساء و الشيوخ !! أيرجع المظلموم إلى بيته و يترك رجال العصابات و المجرمين بلا حساب طلقاء !!!

لمصلحة من سيكون هذا ؟!!

هل الحوار هو الحل ؟!!

هل يجب على المتظاهرين الجلوس إلى طاولة الحوار؟
و لماذا الحوار أصلاً و هل هم في قبضة المحتل حتى يفاوضهم و يساومهم على ضحاياهم و ممتلكاتهم ؟!!

أم أن الشعب السوري يواجه بعضاً من المجرمين - في مراكز القيادة من الذين خانوا أماناتهم و حنثوا بقسمهم و استبدوا و استكلبوا على السلطة التي منحهم إياها الشعب و سخّروا كل شيء لحسابهم ، و بدافع الحرص على ما وصلوا إليه هم يثخنوا في الشعب القتل و التدمير – هؤلاء المجرمون هم الذين يجب على الشعب إلقاء القبض عليهم و محاكمتهم ليكونوا عبرة لغيرهم لا ان يتحوار معهم !!!

أما إذا كان الشعب تحت الاحتلال فالثورة باقية شعلتها لا تنطفئ أبداً مهما احتاجت من الشهداء و التضحيات حتى تحرير البلاد و العباد من ربق الاحتلال و تحكم المحتل و مهما امتد الزمن و طالت الأيام و بلغت الخسائر، و الواقفون مع المحتل خونة لشعبهم و لبلدهم متآمرين في سبيل مصالحهم. ولنا في الأمم التي سبقتنا المثل و العبرة .

أما إذا كان الشعب بصدد استعادة الحقوق و تغيير السلطة و محاسبة المفسدين و المجرمين ، فلماذا هو بحاجة للتفاوض و الحوار أصلاً ، أليس كل شيء واضح للعيان ؟ أو ليست مسؤولية النظام إلقاء القبض على هؤلاء المجرمين الذين نهبوا البلاد و قتلوا العباد و اعتقلوا الأطفال و تحويلهم إلى العدالة ؟!!

و إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال فلماذا لا يحاكم المجرمون و تعاد الحقوق إلى أصحابها و تنتهي التظاهرات ؟!!

إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال لماذا يدخل الجيش على المدن و تختلق الأعذار لقتلهم و تدمير ممتلكاتهم ؟!!
إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال لماذا تفتعل الفتن الطائفية و تطلق يد العصابات الإجرامية في دماء الشعب و أعراض أبنائه ؟!!
إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال لماذا لا يسمح للإعلام العربي و الأجنبي بتغطية الأحداث ؟!!
إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال لماذا تعتبر المعارضة الشريفة التي تقف مع الشعب و تدعم حقوقه ، خائنة عميلة بدلاً من معاملتها كأي من القوى الوطنية التي تعمل لمصلحة البلاد ؟!!
إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال لماذا يسجن المثقفين و المفكرين و الحقوقيين و الصحفيين إذا انتقدوا الفساد و الممارسات الغير قانونية و دعموا حقوق الشعب و طالبوا بحماية مصالحه ؟!!

هذا ما تسعى إليه الثورة
إن ما يريده النظام و يسعى إليه هو استمرار الاستحواذ على السلطة متخذاً من التهديد بالحرب الأهلية تارة و بإشعال الفتنة الطائفية تارة أخرى ذريعة للبقاء في الحكم. و للأسف فقد فرض النظام الأهوج على الشعب السوري الطامح إلى الحرية حرباً ليس له فيها سوى خيار الاستمرار في التظاهر السلمي و الصمود مهما طال الزمن أو قصر حتى يسقط المغتصب و تعود للشعب سلطاته و حرياته المسلوبة من نصف قرن و هذا ما تريده الثورة و تكافح للتحقيقه و ستصل إليه إن عاجلاً أو آجلاً ، و أما الانشقاقات و الصدام المسلح فالنظام مسؤول عنها تماماً وليس للثورة السلمية فيها ناقة أو جمل.

الأربعاء، 27 يوليو 2011

العزف على الربابة لا يطرب المؤيدين للنظام

by جميل داغستاني on Wednesday, July 27, 2011 at 9:42pm


قصة أطلقها المدافعون عن النظام في كل مكان يعبرون فيها عن مأساتهم في الحوار مع المعارضين ، مفادها :

أن متظاهراً يغني على آلة بوتر واحد مردداً عن مساوئ النظام و سجله الحافل بالقمع و الاستبداد عتابا تتجاوز الألف بيت يلتقيه صديقه العاقل "المدافع عن النظام في هذه القصة " و الذي يكره الغناء على وتر واحد بعد أن ينهي عتاباه يسأله: و الآن ما الحل؟ الدماء تسيل في الشوارع والاقتصاد متوقف في الأسواق ، فماذا نفعل كي نخرج من هذه الأزمة ؟
المتظاهر: يتناول ربابته مرة أخرى و ينشد عتابا جديدة عن بطش النظام ومماطلته في الإصلاح.
العاقل: يقاطعه قائلاً له بلهفة : و لكن ما العمل ؟ ما رأيك في أن يجتمع من يمسكون بمقاليد السلطة مع من يمسكون بناصية الشارع ويتفاوضوا حول الحلول الممكنة للخروج من هذه الأزمة؟
المتظاهر: يرد لا حوار مع وجود الدبابات والجيش والأمن.
العاقل يقول : لديكم شروط للحوار ولدى السلطة شروطها أيضا ، ما رأيك في عقد اجتماع تمهيدي تعرض فيه شروط الحوار من قبل الجانبين ؟
المتظاهر يجيب: الثقة معدومة بالنظام الذي يماطل من أجل كسب الوقت .
الصديق: يعود و يسأل و هل الحل برأيك هو في استمرار التمرد حتى إسقاط النظام ؟
المتظاهر: يجيب نعم
العاقل و بدهشة : لكن هذا إعلان حرب صريح.
المتظاهر يرد بكل ثقة بالنفس: نعم.
العاقل يقول و قد أقام الحجة على صديقه المتظاهر : طالما أنه إعلان حرب لماذا إذن تستغرب أن ترسل الدولة جيشها ودباباتها ؟
لكن المتظاهر يتهرب عائداً إلى العتابا و التغني بالثورة .
و ينهي الصديق العاقل حواره الديمقراطي مع المتظاهر - كما يروى - يرمقه بنظرة و هو يقاوم رغبة ديمقراطية ثورية في أن يأخذ الربابة من يده ويحطمها على رأسه، ولكن تربيته القمعية الأصيلة، باعتباره من مؤيدي النظام، قمعته ومنعته من القيام بأي حركة سوى النهوض والانصراف .

في هذه القصة مغالطات لم تترك لي مجالاً للانتظار أو الإهمال:

أولها: ما العمل و الدماء تسيل و الاقتصاد يدمر ؟
الثاني: هل المفاوضات هي الحل للأزمة ؟
الثالث: ما هي الشروط التي تضمن نجاح الحوار بين النظام و الشعب ؟
الرابع: هل فقدت الثقة فعلاً بالنظام ؟
الخامس: هل الحل هو استمرار التظاهر لإسقاط النظام ؟
السادس: هل التظاهر لإسقاط النظام هو تمرد على الدولة معناه إعلان الحرب عليها ؟
السابع: هل يحق للدولة إعلان الحرب على الشعب ؟

فمما لا شك فيه و الذي اتفقت عليه الأعراف و القوانين الدولية و الشرائع البشرية عندما تتفاقم الأمور إلى الدرجو التي تصبح فيها البلاد على شفى حرب أهلية ، هو أن يستقيل الرئيس من السلطة حقناً للدماء و منعاً للدمار و تأخير البلاد ..
أما في حال تمسك الرئيس بالسلطة و رغبته في إيجاد حل فلا بد من حوار ناجح مع المعارضة للبقاء في السلطة و هذا ما لا يتحقق في سورية ، و تلك هي معضلة كبيرة صنعها النظام ..

إذ لم يترك خلال الأربعين سنة الماضية أية فرصة لمعارضة أن تتشكل و يصبح لها كياناً سياسياً يؤهلها لنيل ثقة الشعب و ما الأحزاب السياسية الموجودة في سورية إلا جزءاً من السلطة القائمة المتواطئة حيناً و الشريكة حيناً آخر في الفساد بكل أشكاله ، و التي خسرت ثقة الشعب مع الوقت و لم تعد تلقى الحد الأدنى من احترامه لها .
و المعارضة الحقيقية في الداخل هي التي تتمثل في عدد من المثقفين و الناشطين الحقوقيين و المفكرين و الجامعيين المستقلين معظمهم يرزح في السجون ..
أما المعارضة في الخارج متمثلة بالأخوان المسلمين و بعض الأحزاب العلمانية الأخرى و عدد من المستقلين فهم كلهم متهمون من قبل النظام بالعمالة لإسرئيل و أمريكا و غيرها من الدول التي يناصبها النظام العداء في الظاهر و الباطن بما فيهم من الشرفاء و الوطنيين ..

و أما المظاهرات فهي لا تعبر عن معارضة منظمة لها قيادة موحدة معترف بها متفق عليها ، فكما هو معلوم أن التظاهرات هي حراك شعبي امتد من درعا إلى بقية المحافظات و المدن السورية تحت تأثير عنف الأجهزة الأمنية و قمعها الدموي للاحتجاجات ، و الذي أذكى شعلتها و ألهبها هو ذلك الدم الكثير الذي أريق في كل حي و شارع و مكان  فمن أين سيأتي النظام بمعارضة تصنع حواراً مثمراً للجميع ؟ ..

و بعد هذا الدم الكثير في كل مكان لم يعد هناك ما يمكن التفاوض عليه مع النظام غير رحيله ، فالبيئة التي صنعها النظام بيديه و أشرف عليها طيلة الفترة الماضية أفقدته الشريك في الوطن الذي كان من الممكن أن يجلس معه على طاولة الحوار ، و بعد تأخير طويل لإجراء الإصلاحات ، التي وعد بها الشعب لأكثر من عشر سنوات ، بات من غير الممكن قبوله في السلطة ..

لقد ماطل النظام بإجراء الإصلاحات لأكثر من عشرة سنين و الناس منتظرين مرتقبين .. كانت هذا العشرة كافية لجعل ماليزيا أحد النمور الأسيوية الثمانية في التسعينيات من القرن الماضي .. و إذا كانت للنظام أعذار فربما غيره لا تمنعه الأعذار ..

و الحل الوحيد لهذه الأزمة هو أن يقدم الرئيس استقالته للشعب الذي وثق به و يتركها لمن يستطيع حفظ العهد و الولاء للشعب و ليس لمصالحه و مصالح عائلته ..

و لاستحالة الحوار مع من المتظاهرين لعدم وجود ممثلين لهم خارج السجون أو قادرين على دخول الوطن و لامتناع الرئيس عن الاستقالة و تسليم السلطة إلى ممثلي الشعب أو من يختارهم فإن الحل يبقى هو التظاهر حتى سقوط النظام ..
و أما اعتبار هذه المظاهرات السلمية تمرداً على الدولة فهذا هو عين المغالطة ، إذ لا يطلب المتظاهرون هدم الدولة أو إسقاطها ، إن ما يطلبونه هو:
- تحرير الدولة و تحرير المجتمع من ربق ديكتاتورية النظام و استبداده ..
- إن ما يطلبونه هو إسقاط النظام متمثلاً في أجهزة الأمن و الاستخبارات التي تسيطر على الحزب و على الحكومة و الجيش و الدولة هذه الأجهزة التي يديرها رئيس الجمهورية و عائلته ..
- إلغاء سيطرة حزب البعث على الدولة و المجتمع ..
- تعديل الدستور و التحول إلى دولة ديمقراطية الكل فيها سواسية على أساس المواطنة و فصل السلطات الحريات فيها مضمونة ، يسود فيها القانون على الجميع ، لأجهزة الأمن فيها اختصاصتها المحددة تخضع للرقابة و المحاسبة ، و الجيش فيها وطني غير طائفي و لا حزبي ..  

إذاً ليس الدولة هي من ترسل دباباتها و جنودها لحرب مواطنيها ، إن من يرسل الدبابات و الجنود و العصابات هو من يدير هذا النظام و أجهزة أمنه المتنفعين منه و من بقائه ..


الثلاثاء، 26 يوليو 2011

تناقضات النظام الأسدي ..

 by جميل داغستاني on Tuesday, July 26, 2011 at 5:45pm

إن تناقضات النظام الأسدي بين حقيقته و ظاهره تشبه تناقضات العاهرات عند الحديث عن الشرف و كيف تستشرف على من حولها ..

فهو قومي عربي لكن إيراني ..
يرفع النظام شعاراته المعروفة : سورية الأسد .. قلب العروبة النابض .. قلعة العرب .. قلعة الصمود و التصدي .. دولة البعث و البعث عربي .. لكن في الحقيقة اختلاف مع العرب قاطبة و اتفاق كامل مع الإيرانيين و مذهبهم و حليف  حلفائهم ..

و هو جمهوري لكن وراثي ..
نظام ذو حكم جمهوري يستعلي في الحضارة و المدنية على الحكم الملكي .. لكن في الحقيقة رأسه ورث الحكم عن أبيه بالرغم من أن الحكم جمهوري و ليس ملكي ..

و هو اشتراكي لكن رأسمالي ..
نظام شعاره الاشتراكية ، قد أمّم مؤسسه الأول الأسد الأب الأرض و المصانع و وزعها على من عمل فيها .. لكنه في الحقيقة رأسمالي قد بسط الأسد الإبن يده و يد ابن خاله و بقية العائلة على كل شيء فلم يتركوا شيئاً إلا و امتلكوه ..

ورغم أن من يقود هذا النظام هو حزب من الكادحين و العمال و صغار الكسبة .. لكن في الحقيقة ملياراتهم وصلت إلى بنوك سويسرا و استثماراتهم في كل مكان من العالم ..

و هو علماني لكن ديني ..
نظام ضد التكتلات الدينية في سياسته و قوانينه ، يدّعي العلمانية ، حارب جماعة الأخوان المسلمين و حزب التحرير ، و حظر الأحزاب الدينية .. لكنه في الحقيقة يتبع ولي المؤمنين في طهران و يحتضن حركة المقاومة الإسلامية حماس في دمشق و هو أكبر حليف للجمهورية الإسلامية و حزب الله الشيعي اللبناني ..

و هو ممانع لكن بدون حرب ..
نظام ممانع في وجه إسرائيل رفض كل مبادرات السلام التي اقترحها العرب و العجم لحل القضية الفلسطينية .. لكن في الحقيقة باع الجولان و لم يسمح لأحد أن يطلق طلقة باتجاه إسرائيل من سورية و عندما أراد الشعب إسقاطه أصبح أمنه من أمن اسرائيل ..

و هو وطني لكن طائفي ..
نظام وطني ليس بطائفي يعامل موظفيه بناء على ولائهم للوطن و الحزب و الدولة .. لكن في الحقيقة هو نظام سيطرة الطائفة و حكم الأسرة الواحدة ..

و هو ديمقراطي لكن بالتعيين ..
نظام ينتخب فيه مجلس الشعب و الإدارات المحلية ديمقراطياً .. ولكن في الحقيقة كله بالتعيين فمن لا توافق عليه أجهزة الأمن و الحزب لا ينجح في الانتخابات و من تريده ينجح حتى و إن كان أمياً لا يقرأ و لا يكتب ..

و هو محبوب لكن بغيط ..
الكل يريد هذا النظام و رئيسه إلى الأبد و يحبونه و يفدونه بأرواحهم و دمائهم .. لكن في الحقيقة الملايين تخرج ضده رغم الرمي بالرصاص و القتل العشوائي ..

و هو إنساني لكن متوحش ..
نظام يعطف رئيسه على الأطفال المعاقين و يخصص لهم الأموال لبناء النوادي الرياضية ، يعلمهم ركوب الخيل و السباحة و يقيم لهم المسرحيات و يقدمهم في المهرجانات .. لكن في الحقيقة هو الذي يغتال الطفولة عند الأصحاء و يسرق مستقبلها ويكم أفواه الأطفال و يزهق أرواحهم و يقوم ضباط أمنه بتعذيبهم و حرمانهم آباءهم ..

دوام الحال من المحال ..
فإذا كانت العاهرة خليلة للأقوياء و جليسة للأصفياء نالت الشرف عن جدارة و شهد لها القاصي و الداني بالعفة و الطهارة و كتب فيها الشعراء جميل القصائد و بديع العبارة .. لكن دوام الحال من المحال .. فإذا فشى عهرها و ضبطت متلبسة بذنبها و ملأت صورها الشاشات و المجلات و افتضح أمرها في كل زاوية و حارة .. نبذها الخلّان و الأصحاب و تبرم بها الجلساء و الأغراب خافوا أن تلحق بهم الفضيحة و تنال منهم الألس القبيحة فتركوها لوحدها جريحة بعد أن أشبعوا منها القريحة ، تسلقها الألسن سلقاً و تمضغ شرفها الأفواه مضغاً فلا مروءة لمن هتك الحياء و لا شفاعة لمن خان الولاء ..

الأحد، 24 يوليو 2011

الخطاب الإعلامي و أثره على الحياديين أو المترددين ..

by جميل داغستاني on Sunday, July 24, 2011 at 1:19pm


كان الهدف الأول الذي اتسمت به منشورات شباب الثورة في الشبكات الاجتماعية على الانترنت و تصريحاتهم في وسائل الإعلام هو فضح ممارسات النظام و كشف أباطيله في إدارة شؤون البلاد على المستوى الداخلي و الخارجي و ذلك من خلال إظهار الحقائق الواقعية و التاريخية و نشر شهادات العيان عليها من مسؤولين و مفكرين و محللين تمهيداً لنشر الوعي السياسي بين فئات الشعب و تحريضه على المطالبة بحقوقه .. 

و كان لا بد لنجاح هذه الجهود من تثقيف الناس تثقيفا سياسيا اجتماعيا اقتصاديا يساعد في لفت الانتباه إلى مجريات الأحداث و تطوراتها و التعامل معها بوعي يحقق أهداف الثورة في التخلص من هذا النظام الفاسد ..

 وكيف تعامل النظام إعلامياً مع الثورة ؟
إن الطريقة التي تعامل بها النظام مع شباب الثورة بفرض الحل الأمني على احتجاجاتهم و رفض الحوار معهم أو حتى الاستماع إلى مطالبهم المشروعة إضافة إلى طرد وسائل الإعلام العربي و الدولي من الشارع السوري و فرض الإعلام السوري على الأرض كمصدر وحيد لتغطية الأحداث ، دفع شباب الثورة إلى البحث عن آليات فعالة لتغطية الأحدث بأنفسهم بالرغم من انعدام الخبرة في هذا المجال .. 

و من الأيام الأولى للتظاهرات في دمشق و درعا اتضح للجميع أن الإعلام السوري قد أصبح يدار من قبل أجهزة القمع و بدأ ينفذ السياسات القمعية بالحذافير و التي اعتمدت على سياسة الكذب و التلفيق و التزوير للأحداث و حتى في أكثر الأحيان اختلاقها بالكامل لإيجاد المبررات و الدوافع لسحق الاحتجاجات الشعبية و إخمادها قبل أن تمتد و تتحول إلى حراك جماهيري ، إضافة إلى التشويش على الناس المحايدين فلا يستطيعون الوصول إلى الحقيقة أبداً .. 

لكن هل نجحت هذه السياسات ؟
استطاع الشباب بعد مضي أقل من شهر على اندلاع التظاهرات و بدء العمليات القمعية للنظام أن يصبحوا أكثر قدرة على التغطية و أكثر فاعلية في اختيار موقع الحدث ، إضافة إلى تفرغ العديد منهم لمهام كشف التزوير و التلفيق الذي انتهجه الإعلام السوري متمثلا بقناة الدنيا الإعلام الخاص الوحيد الذي تصدّر القنوات السورية في الكذب و التشهير بالمتظاهرين و التحريض على قتلهم و اعتقالهم إلى جانب القنوات الرسمية ..
هذه السياسة الإعلامية التشبيحية التضليلية للرأي العام السوري و العربي التي انتهجها الإعلام السوري فرضت على إعلام الثورة إجراءات جديدة تقوم أولاً على التشكيك بكل ما يبثه الإعلام السوري أو ينشره في كافة وسائل الإعلام و توجيه أصابع الاتهام إلى أجهزته و عصاباته دائماً ثم التدقيق فيه بعد ذلك لاكتشاف حقيقته و إزالة الزيف عنه .. 

وما هو الأثر الذي تركته هذه السياسات على الخطاب الإعلامي ؟

الكثير من المحايدين و المترددين فقدوا الثقة بكلا الخطابين الإعلاميين إعلام النظام و إعلام الثورة و أصروا على البقاء في حيادية سلبية تضر بالثورة أكثر مما تنفع النظام .. 

لكن مع مرور الوقت ظهرت شريحة من السوريين المترددين في موقفهم من كلا الطرفين الذين لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل أخذوا يتابعوا نشاط الفريقين و يدققوا في كل ما يصدر عن إعلامهما بغرض الوصول إلى حقيقة ما يدور على الأرض و فهم الأحداث في مجراها الطبيعي الفهم الذي لا يقف بجانب فريق ضد الآخر ..

ما هي السمات العامة للخطاب المطلوب ؟

عدد من محللي الأحداث و الإعلاميين ممن لديه الاطلاع التاريخي على دورة حياة النظام و مراحل تطوره و ممن اختاروا جانب الثورة في مطالبها المشروعة و حراكها الشعبي السلمي و الذين يشاركون في هذا الحراك انتبهوا إلى أهمية انضمام هذه الشريحة الواسعة من أبناء الشعب المتردد على نجاح الثورة و اختصار الوقت و الدم المسفوح ، استطاعوا بعد نقاش طويل مع هؤلاء الحياديين أو المترددين خلال الأشهر الماضية أن يستوعبوا أسباب احجامهم عن الوقوف إلى جانب الثورة و أن يتلمسوا الخطاب الإعلامي المناسب لجذبهم إلى صف الثورة ، الخطاب الذي يجب أن يتصف بما يلي ليؤدي دوره بفاعلية  مع مراعاة المناسبة أو الظرف:

- الموضوعية في الطرح و التعليق و التفسير و النقاش
- الربط التاريخي و المنطقي الصحيح بين الأحداث
- الاستناد إلى الوقائع المثبتة الغير مشكوك بها و عدم إهمال المصادر و ذكرها بالتفصيل
- مراعاة التوازنات الدولية و الإقليمية في المقارنات
- عدم إغفال التطورات الراهنة أو إسقاطها أو اللامبالاة بها
- احترام الدم السوري أياً كان
- احترام معاناة الشعب السوري
- احترام الرأي الآخر 
- الابتعاد عن الطائفية أو الفئوية أو المذهبية أو الحزبية أو القومية بأي شكل من الأشكال
- الانتصار للحق في أي جانب كان
- اعتبار الصراع فقط بين طرفين هما الشعب المطالب بحريته و النظام القمعي
- التركيز على الوحدة الوطنية و سلمية الثورة و رفض التدخل العسكري الأجنبي
- عدم مجاراة النظام في كذبه و افتراءاته على الثورة و حراكها الشعبي و الاكتفاء بكشفه
- عدم إنكار الحوادث الفردية الغير سلمية و إدانتها
- التأكيد على مشروعية الدفاع عن النفس و حق المواطن بالدفاع عن منزله و نفسه و أهله و ماله بشتى الوسائل و عدم علاقة ذلك بسلمية الثورة و التظاهر
- التأكيد على محاسبة كل من يثبت تورطه في الدم السوري و إهدار كرامة الشعب و تدمير ممتلكاته

و هل الجميع موافق على هذه السمات في الخطاب الإعلامي ؟

طبعاً لا  فتوجيه مثل هذا النوع من الخطاب الذي يبتعد عن العاطفية و و يرفض الاتهام بدون أدلة لأي طرف ، كشف عن وجود عدد قليل من شباب الثورة الذين ظهروا خلال الأحداث بأسماء مستعارة و الذين امتلكوا مع الوقت نفس تركيبة النظام في عدم تقبل الرأي الآخر و العمل على قمعه بشتى الوسائل إما بالتهديد و الوعيد أو بالتشهير و التخوين و منهم من تجاوز ذلك إلى حد العمل على الإضرار بهؤلاء الأشخاص و محاولة إيذائهم ومن هم من اكتفى بالفظاظة في النقاش و السؤال و اختيار الألفاظ النابية و إظهار روح العداء ..

و هل سبب الرفض معروف ؟

طبعاً بسبب عدم احتكاك هؤلاء الشباب بمن يخالفهم الرأي و الجلوس معه للنقاش طيلة الفترة الماضية فقد سيطرت عليهم ذهانية الاعتقاد بأنهم أوصياء على الثورة و أهلها لا يعترفون بالآخر و لا يقرون ضمنياً بحرية التعبير و يعتقدون أن أراءهم هي الصحيحة و أن مصلحة الثورة في ألا يخالفهم أحد الرأي ..

طبعاً تعتبر هذه الظاهرة من الظواهر التي تسيئ إلى سلمية الثورة و أخلاق شبابها و سمعتها و تؤدي إلى خسارة مؤيديها ..

نناشد هؤلاء الشباب بالتخلي عن قيم الاستبداد و التحلي بقيم الحرية و الكرامة و الديمقراطية و الانفتاح على الآخر و عدم محاولة إقصائه لأي سبب كان ..

السبت، 23 يوليو 2011

سكة القطار من خربها ؟

by جميل داغستاني on Saturday, July 23, 2011 at 8:47pm

تعطيل سكة القطار القادم من حلب باتجاه حمص ما هو إلا عمل
تخريبي يساهم في تدمير الأملاك العامة التي دفع الشعب ثمنها من موارده و عرق جبينه
و إن القيام بهذا التخريب المتعمد بدون الإعلان عنه بوقت يسمح بتفادي تسيير
العربات عليه هو عمل إجرامي بامتياز الهدف منه التسبب بقتل أشخاص أبرياء ..



و طالما أنه لم تتبنى أية جهة القيام بهذا العمل الإجرامي
و تعلن عنه حتى هذه اللحظة ، فإن مسؤولية اكتشاف منفذي هذه الجريمة تبقى مسؤولية
أجهزة الأمن المتخصصة التابعة للنظام الذي أهمل مسؤولياته و التفت إلى قمع
التظاهرات السلمية بدلاً من حمايتها ، مما أغرى ضعاف النفوس على ارتكاب الأعمال
الإجرامية من حين لآخر ..



و لا أدل على ذلك من خلو التظاهرات و المدن التي لا يكون
فيها تواجد لرجال الأمن و عصابات الشبيحة من أعمال القتل و العنف و التدمير كما
حصل و يحصل في حماة منذ أكثرمن ثلاثة أسابيع حتى الآن ..



و إن توجيه الاتهامات من أي طرف للطرف الآخر بدون أدلة صحيحة
واضحة ما هو إلا نوع من التضليل للرأي العام الغرض منه إحراز الانتصارات الإعلامية
على حساب الدم السوري المهدور بدون فائدة يذكر ..



و هنا يجدر التنويه إلى أن هذه الأعمال ليست من شيم
المتظاهرين الذين أقسموا على السلمية و الذين أثبتوا خلال الأربعة أشهر الماضية
التزامهم بالسلمية بالرغم من شلالات الدم التي سفحها النظام لإخماد تظاهراتهم ..



و حتى المواقع الإلكترونية التابعة للنظام التي كان
قراصنة الثورة يضعون يدهم عليها ، كانوا يصرحون بمسؤوليتهم عن أي موقع يخترقوه ، و
كانوا يكتفون بالسيطرة على الصفحة الرئيسية واضعين عليها إعلاناً للثورة تحدياً
للنظام مؤكدين حرصهم على سلامة الموقع و قواعد بياناته التي هي ملكية عامة للشعب

الدعوة للتسامح قبل المحاسبة .. تزوير هي أم تخدير

by جميل داغستاني on Saturday, July 23, 2011 at 1:41pm


لعل من أكثر ما يثير الحنق أن بعض الرومانسيين الآمنين في
بيوتهم الذين ينعمون بالراحة و الطعام و الشراب ، أولادهم يسعون بجانبهم و أحبابهم
على مرأى من أعينهم . هو دعوتهم لأهل الشهداء و المعتقلين و الذين تسلب أموالهم و
تنتهك كراماتهم و أعراضهم كل يوم منذ أربعة أشهر و نيف بحجة العصابات المسلحة و
المؤامرات الخارجية و بغير حجة أو سبب مشروع ، أن يتخذوا اليابانيين مثلا في
ذكائهم و فطنتهم لمصالحهم و هم الذين خرجوا من الحرب العالمية الثانية مهزومين
أمام الأمريكيين .. دعوة لهم أن يتحلوا بثقافة التسامح التي تحلى اليابانيون بها
حتى يستطيعوا محاسبة الشبيحة و القضاء على ظاهرة التشبيح في المجتمع الرومانسي
الذين يخططون له في المستقبل القريب ..

 و كما قرأت في تاريخ اليابانيين أنهم احتاجوا إلى
المساعدة بعد حرب طويلة تم إنهاؤها بقصفهم بالقنابل النووية على مدينتين من كبرى
مدنهم هما هيروشيما و ناكازاغي راح ضحية هذا القصف اللاإنساني المخالف لشرائع
البشر و أعرافهم عبر الزمان أكثر من مائة و خمسين ألف قتيل وتشوه أكثر من ضعفي
القتلى و تم تدميرهما تدميراً كاملاً .. و كانوا بحاجة ماسة للمساعدة للتخلص من الآثار
النووية لهذا القصف و الانطلاق من جديد و لم تكن المساعدة متوفرة لهم إلا عند عدوهم
الذي دمرهم ، رغبة من اليابانيين الاستفادة من تقدم الأمريكيين العلمي و التقني
الذي وصلوا إليه في ذلك الوقت ..

 و لم يكن اليابانيون ليطلبوها و هم يرفضون الشعور
بالهزيمة و يرغبون بالانتقام .. فوجدوا أن عليهم الاعتراف بالهزيمة و وجدوا أنفسهم
مضطرون لفلسفة التسامح التي أزالت من أمامهم عائق طلب العون ممن هزمهم و دمرهم (لكن
الأمريكان لم يحكموهم في ذلك الوقت بحجة الدفاع عنهم و لم يغتصبوا أرضهم و عرضهم و
يعملوا على إذلالهم بالليل و النهار ردحاً من الزمن و لم يضطهدوهم و يجبروهم على الهجرة
من بلادهم و لم ينهبوا خيراتهم و مواردهم لحسابهم و حساب جماعاتهم و عائلاتهم) ..

 و إلى هنا لم يكن للتسامح أي فضيلة تذكر ، حتى صدّق
الأمريكيون اليابانيين في طلبهم و بادروا إلى تقديم المساعدة لهم ، و هنا ظهرت
فضيلة التسامح مع الأعداء بعد قبول الهزيمة و الاعتراف بها ..

 فبعد أن وضعت الحرب أوزارها و أخذ كل خصم فرصة مساوية في
حربه مع خصمه كان التسامح هو النهاية الفاضلة التي و إن لم تنسي اليابانيين الماضي
إلى أنها ساعدتهم على فتح صفحة جديدة لمستقبل مشرق .. و قد بادلهم الأمريكيون تسامحهم
بمثله و فتحوا أمام اليابانيين بلادهم ..

إلا أن التسامح مع من يدع لك الأخوة و هو لا يضمر لك إلا
الشر و لا يمد لك إلا يد الغدر و لا يظهر لك إلا الحقد و لا يبادر إلا لإيذائك هو
طبع الضعفاء الأذلاء .. و إلا لوجب على الفلسطينيين أن يتآخوا مع الاسرائيليين و يتسامحوا
معهم ..

 و من هذا المنطلق جاءت الشرائع السماوية و الوضعية كلها
بدون استثناء تحض على القصاص من المجرمين و الجناة و تدعوا إلى ملاحقتهم و التضييق
عليهم مهما كانت صفتهم أو انتماءاتهم و مع أنها تركت للضحايا أو ذويهم حق العفو
عنهم إلا أنها لم  تهمل حق المجتمع
بالاقتصاص منهم و لا زالت كل الأمم تصر على معاقبتهم بالرغم من إسقاط الحق الخاص
عنهم بإقامة الحق العام ردعاً لهم من تكرار جرائمهم و عبرة لغيرهم ..

 فلا تسامح مع مجرم قبل تجريمه و محاكمته و صدور الحكم فيه
و المباشرة بتنفيذه إظهاراً لنية القصاص منه و تمكيناً لصاحب الحق من حقه في الاختيار
ما بين إنزال العقوبة أو العفو ، و إلا لا معنى لطلب التسامح قبل هذا كله ، فهو لن
يكون إلا شكلاً آخر من أشكال الذل و الوقوع تحت الاستبداد و الاستئساد أو ضرباً من
ضروب الاستهبال و الاستغباء فالأول تزوير و الثاني تخدير و قد أقسم الثائرون ألا
يتوقفوا حتى ينالوا حقوقهم و يحاسبوا جلاديهم فلا تسامح قبل الحساب ..

الاثنين، 18 يوليو 2011

فرية المحايدين و دعوى الاستقرار


by جميل داغستاني on Monday, July 18, 2011 at 5:28pm

يقول المحايدون و الذين يدّعون الحياد : إننا لا نملك
في هذا النظام سلطات أو مسؤوليات تذكر و لا نطمع أن نحصل على كراس أو سلطات إذا سقط النظام و لذلك فإننا غير مهتمين إذا كان الاستقرار المنشود سيتحقق في ظل النظام أو مع المعارضة ، المهم أن يتوقف القتل باسم الثورة ..
و الله هذا كلام عجيب ..

و هل المعارضة هي التي بدأت القتل باسم الثورة ؟
أو أمرت بقتل المتظاهرين باسم الثورة ؟

لا بل السؤال هو : هل المعارضة هم الذين يمنعون الاستقرار في البلد و إيقاف شلالات الدم الذي يلهب الثورة ؟
أو هل المتظاهرون هم من يرفضون أن يتوقف النظام عن قتلهم ليمنعوا الاستقرار في البلد باسم الثورة ؟

و الله هذا كلام عجيب ..

متى كانت المطالبة بالحقوق هي سبب عدم استقرار البلاد إلا في إسرائيل ؟
بل متى كانت المطالبة بالحقوق سبباً في قتل المطالبين بحقوقهم إلا في إسرائيل ؟

و الآن أصبح يحصل نفس الشيء في سورية و على أيد سوريين ينتمون إلى النظام يقتلون أبناء الوطن و يعتدون على المواطنين و يفعلون يهم ما لم تفعله إسرائيل بالفلسطينيين خلال فترة الاحتلال كلها ..

كل الشعوب تتظاهر للمطالبة بحقوقها التي تعتقد أنها أهدرت أو استغلت أو انتقص منها و إن اختلفت مع حكوماتها و لا يعتبر ذلك سببا في عدم الاستقرار بل يعتبر سببا للحفاظ على الاستقرار ..

كل الشعوب التي تتظاهر مطالبة بحقوقها تستجيب لها حكوماتها و تتحاور مع ممثليهم لإنهاء الأزمة و الوصول إلى اتفاق مرض للجميع و لا يعتقل مثقفيها أو حقوقييها و لا يقتل أحداً منهم و لا يهان ..

أما النظام فقد تجاوز كل المعايير الإنسانية و الأخلاقية و القانونية البشرية .. إذ اعتقل الأطفال و عذبهم و أهان أهليهم و هددهم و عندما صرخوا يطلبون إطلاق سراح أطفالهم في مظاهرات سلمية فتح عليهم الرصاص الحي و أردى منهم العشرات و عندما وقف معهم الشعب أخرج لهم الجيش و قوات الأمن و أخذ يعمل فيهم القتل و السجن و التعذيب و التدمير و الاعتداء على الأعراض و الكرامات ..

ماذا يسمى هذا في عرف التاريخ و قوانين الشعوب و حضارات الأمم ؟
أليس هذا هو الاحتلال الهمجي المغولي بأم عينه ؟ أم أن الذي حدث في التاريخ مختلف عن ذلك ؟!!!!!!!

و لو افترضنا جدلاً أنه ليس باحتلال .. أليس هذا بعينه هو الذي يفقد البلاد الاستقرار ؟ و هو الذي يقوم بالقتل باسم الثورة و قمع الشعب و منعه من المطالبة بحقوقه ؟

هل المواطن الأعزل الذي يقتل و هو يطالب بحقه و حق أولاده هو المسؤول عن فقدان الاستقرار أم من يملك القوة و السلاح و الرجال و الحكم و الإعلام و يغتصب الحقوق هو المسؤول عن عودة الاستقرار ؟

ثم ما معنى الاستقرار المطلوب تحقيقه في ظل هذا النظام ؟
إذا كانت الحقوق مسلوبة و الحريات مقموعة و الكرامات مهدورة و الأعراض منتهكة و الأموال مغتصبة و الشعب في خطر دائم داهم لا يمنعهم منه مانع و لايرده عنهم رادع ..

أجهزة أمن تتدخل في كل صغيرة و كبيرة و رجال دولة و حزب و جيش و أمن لا يطالهم القانون يميدون في البلاد و يحيدون شرقا و غربا لا توقفهم قوة و لا يردعهم خلق أو دين .. كل شيء امتلكوه و تتطاولوا عليه و سخروا الجميع لهم عبيداً أو خدماً لا يعصونهم ما أمروهم و هم لهم طائعون .. أخّروا البلاد و جوّعوا العباد .. هرب منهم من استطاع من الشرفاء و من بقي عندهم مغلوب على أمره مرهون بذله يدعو الله ليل نهار أن يفك أسره و يطلق قيده ..  

فما هو هذا الاستقرار الذي ينشده المحايدون إلا أن يكون قصدهم الاستعباد الذين رضوا به و قبلوا الانصياع له و تعايشوا معه حتى اعتادوا عليه و ظنوا أنه محبوبهم الذي ليس لهم جلد على فراقه و لا قلب على أشواقه ..

بئس الاستقرار هذا الذي ينشدوه لقد رد عليهم أهل درعا في الأولى و صرخوا بملئ حناجرهم صرخة الكرامة :

الموت و لا المذلة

و جاوبهم صداها من طلاب الحرية في كل سورية من شمالها إلى شرقها إلى غربها مردداً :

الموت و لا المذلة

عسى أن توقظهم صرخة الكرامة من سبات الذل فيخرجوا من ظلام الاستعباد إلى نور الحرية فيسقط هيكل الظلم إلى الأبد و يرتفع هيكل العدل إلى الأبد ..

و الله و سورية و حرية و بس

الأحد، 17 يوليو 2011

فعلا قائد تاريخي ..

by جميل داغستاني on Sunday, July 17, 2011 at 7:43pm

يقول مؤيدوا النظام أنه قائد تاريخي و نحن نتفق معهم في هذه و نقول:
فعلاً لقد أثبت أنه قائد تاريخي
فشلالات الدم مازالت تضخ بقوة في سورية ..
أكثر من 1500 شهيد من المواطنين و الله أعلم كم من
المغدورين العسكريين على أيدي أجهزة الأمن و الفرقة
الرابعة و أكثر من خمسة عشر ألف معتقل و مثلهم من المهجرين
هرباً من بطش الأمن و عصابات الشبيحة التي يقودها آل الأسد ..

اعتقال الأطفال و تعذيبهم ابتداءاً من درعا و وصولاً إلى كل حي من أحياء مدننا الحبيبة و قتل بعضهم و التمثيل في جثثهم و حرمان الآخرين من مدارسهم و التنكيل بأبائهم و أماهاتهم و أخوانهم أمام أعينهم ..

تسليح الطائفة العلوية عن بكرة أبيها و افتعال جرائم في حق بعض أبنائها لإثارة الفتن الطائفية و تسليط أبناء الشعب الواحد على بعضهم البعض كما حصل في اللاذقية و يحصل اليوم في حمص ..

تعطيل حركة الاقتصاد و تقطيع المدن و تدمير الممتلكات و سرقة المخازن و المحلات و اقتحام البيوت على ساكنيها و إتلاف مؤنهم لتجويعهم و سرقة أموالهم و حلي نسائهم و تدمير أثاثهم و مقتناياتهم و الاعتداء على نسائهم و أما التي هرب ساكنوها فقد أصبحت غنائم حرب لمرتزقة النظام عرضة للنهب و السرقة تحمّل على ناقلات الجيش و سيارات الأمن .. 

حتى السيارات التي في الطرقات لم تسلم من عظمة هذا القائد التاريخي فقد ديست بدباباته و مجنزرات قواته الفاتحة..

اعتقال الناس عشوائياً و إجبارهم على الاعتراف بجرائم قامت بها أجهزة الأمن و عصابات النظام إضافة إلى تهديدهم بقتل أولادهم و الاعتداء على نسائهم إن لم يعترفوا أنهم من العصابات المسلحة ..

قتل أولاد أو أخوة من يرفضون الانصياع إلى تهديدات الأمن و تنفيذ طلباتهم كما حصل في درعا مع الشيخ أحمد الصياصنة الذين قتلوا ولده و هددوا بتصفية عائلته إن لم يسلم نفسه و يعترف بوجود العصابات المسلحة .. 

الاستقواء على المسنين و المدنيين العزل و ضربهم و إذلالهم من قبل أبطال قوات القائد التاريخي الفاتح كما حصل في البيضا و جوبر و باباعمرو و الكثير من مناطق الوطن الحبيب ..

كيف لا يكون قائداً تاريخياً و هو من ورث الحكم المغتصَب عن والده الخائن الذي لما اكتشف زملاؤه خيانته و أجمع كل من في الحزب و الدولة على إقالته قام بالانقلاب عليهم و وضعهم بالسجون في حركته التصحيحية حتى ماتوا عن آخرهم - لم يبق منهم إلا مصطفى رستم الذي يقف لهم كالشوكة في الحلق في هذه الأيام - و بقي هو منفرداً في حكم البلاد و العباد ردحاً اختطف الدولة خلاله و مسخ الجيش و استعبد الحزب و سيطر على المجتمع بكل أطيافه و نهب موارد البلد هو و عائلته و امتطى أبناء طائفته من العلويين ليذل بقية الشعب بهم و لا زالوا مطية لهم حتى اليوم إلا من رحم ربي ..

كيف لا يكون تاريخياً و قد استطاع بمساعدة عصاباته من تغيير الدستور في لمحة عين ليناسب حجمه و يسرق حق غيره .. كيف لا يكون تاريخياً و قد جعل الدستور و القوانين كلها لمصلحته و مصالح عصابته و لم يكن لمصلحة البلد و أهله يوماً ..

كيف لا يكون تاريخياً و قد نزح من سورية في عهده و عهد أباه أكثر من عشرة ملايين سوري هرباً من الاضطهاد و القمع و التفقير بحسب إحصائيات وزارة المغتربين ..

كيف لا يكون تاريخياً و قد أصبحت سورية في عهده من أكثر الدول تخلفاً و تأخراً في التعليم و الصحة و الخدمات ..

كيف لا يكون تاريخياً و سجونه ملأى بمعتقلي الرأي و المثقفين و خيرة رجال و شباب المجتمع ..

فعلاً قائد تاريخي كما كان أباه فاقوا أهل عصرهم بالظلم و السرقة و النهب و إذلال العباد و تدمير البلاد .. من مثلهم استطاع أن يحتل بلده و يفعل بأهلها مافعلوه .. كم يذكروننا بأيام المغول في كتب التاريخ عندما حكموا بلاد
الشام ..
فعلاً قائد تاريخي