الأحد، 31 يوليو 2011

إلى أين تسير الثورة و ما الذي تسعى إليه ؟

by جميل داغستاني on Sunday, July 31, 2011 at 10:56am


 إى أين تسير هذه الثورة التي تصر على السلمية ؟ فالقتل أصبح كثيراً لا يطاق و الانشقاقات المتكررة في تشكيلات الجيش التي تصطدم مع بقية قوات الجيش و أجهزة الأمن باتت تهدد سلمية الثورة و تنذر بحرب أهلية لا تبقي و لا تذر ، و أصبح التحول إلى النموذج الليبي أو العراقي أقرب إلى الواقع منه إلى التوقعات. فهل هذا ما تسعى إليه الثورة ؟

لنضع أرضية منطقية للإجابة على هذا التساؤل و نسأل سؤال بسيط ، هل سورية دولة مؤسسات و قانون أم دولة استبداد و أجهزة أمن فوق القانون ؟
فالدول التي تحكمها المؤسسات و القوانين هي دول حكوماتها تستمد السلطة من الشعب ، أما الدول الاستبدادية التي تحكمها أجهزة الأمن الفوق القوانين فهي دول الشعوب فيها ترزح تحت احتلال أنظمتها الحاكمة ..

و الآن لنسأل هذا السؤال المشروع:

من خطط للثورة ؟

من المعلوم أنه قبل 15 آذار 2011 م كان من المستبعد عند جميع السوريين قبل اندلاع الاحتجاجات في درعا أن تنطلق ثورة في سورية لأسباب الكل يعرفها ، و كان الحراك الذي ظهر هنا و هناك بالتواكب مع مجريات الثورة التونسية و المصرية و الليبية لا يعدو كونه تحركات شبه فردية و لا تعبر عن توافق معلن للسوريين بإشعال ثورة، و لذلك لم يكن هناك قيادات فعلية لهذه الاحتجاجات التي تحولت فيما بعد إلى ثورة ، و حتى المعارضة في الداخل و الخارج لم تستطع أي منهما أن تشكل تهديداً و لو غير مباشر للنظام بالرغم من المؤتمرات و الاجتماعات التي عقدت هنا و هناك لإحداث تغيير على الأرض ، لا بل كشفت عن عمق في الخلاف بين أطياف المعارضة و عن صبيانية في التعامل مع الأحداث لم تبلغ مستوى الدم الذي أريق على محراب الحرية التي سعى لها الثوار السلميون في الداخل.

فإلى أين تسير هذه الثورة ؟
لقد انتقلت الاحتجاجات الشعبية من طور الاحتجاج إلى طور الثورة عندما تغيرت مطالبها من رفض الظلم و قمع الحريات إلى المطالبة بتغيير النظام كله و تغيير القيم التي تحكم المجتمع و الدولة معاً ، فبات هدف الثورة هو إسقاط النظام الحالي و استعادة الشعب للسلطة كاملة من هيمنة الفئة التي استولت عليها ، و مع كل يوم يمضي يزداد فيه الثائرون وعياً و نضجاً و إصراراً لتحقيق أهدافهم و بناء دولة جديدة تضمن الحريات العامة و تصونها مع الحفاظ على الوحدة الوطنية و الالتزام بقضايا الوطن و أهله و رفض التدخل العسكري الأجنبي.

إذا كانت التظاهرات سلمية فلماذا استخدم الجيش لفضها ؟
و هل إقحام الجيش استطاع أن يقدم حلاً ؟
و ما قصة الانشقاقات ؟

إن إدعاء النظام بوجود عصابات مسلحة قد انكشف زيفه من أول يوم في تاريخ الاحتجاجات و لم يعد يقدم أي دليل أو يثبت أي إدعاء و لم يعد نافعاً كحجة لإقحام الجيش ، و السؤال بسيط : لماذا يقوم قناصوا الأمن باصطياد المتظاهرين العزل بالرصاص الحي و ينهال عليهم عناصر الأمن بالضرب حتى يجهزوا عليهم إذا كانت العصابات المسلحة هي المسؤولة ؟!! فأين هي هذه العصابات المسلحة في الواقع بعيداً عن تلفيق الإعلام و إدعاءات أبواق النظام ؟!!

و إذا كان دخول الجيش إلى المدن قانوني و طبيعي وللحفاظ على مصالح المواطنين ، فلماذا تنشق كتائبه و فصائله و تقتتل فيما بينها بحجة الدفاع عن المدنيين العزل ؟!!

إن إقحام الجيش في فض التظاهرات كان تكتيك استباقي الهدف منه وأد الثورة في مهدها ، و قد كان من المتوقع حدوث الانشقاقات في صفوفه منذ البداية و قد حذر الكثيرون من استخدام الجيش في الحل الأمني ، فالطريقة التي اعتمدتها قيادات الأجهزة الأمنية في التعامل مع الجيش و المتظاهرين كانت فاشلة بجدارة ، إذ اعتمدت على إخفاء الحقائق و تلفيق الأحداث بسبب توقعها الخروج من الأزمة بسرعة و إعادة الجيش إلى ثكناته بدون أن يطلع على الحقيقة كاملة.

لكن اتساع رقعة الاحتجاجات و ازدياد أعداد المتظاهرين و بالتالي ازدياد أعداد القتلى و المعتقلين جعل المهمة صعبة تستغرق و قتاً أطول ، مما أدى إلى كشف الحقائق و إطلاع أفراد الجيش على مجريات الأحداث ، فرفض العديد منهم الأوامر بإطلاق النار على المدنيين و بالتالي تعرض هو لإطلاق النار من قبل رجال الأمن المرافقين ، و مع كثرة الحوادث المشابهة ، بدأت ظاهرة الانشقاق بالتزايد و بدأت الأعداد بالزيادة أيضاً.

إن دخول عناصر منشقة من الجيش إلى معادلة الصراع بين الشعب و النظام ممن أبت عليهم ضمائرهم إلا أن يدافعوا عن المدنيين العزل في مواجهة الأمن و عصاباته سيفرض على الثورة الدخول في نفق خطرتكثر معه الدماء و الضحايا و ينتشر الدمار.

فما الحل إذاً ؟

الرجوع إلى البيوت بدون حتى محاسبة أو محاكمة للمجرمين ، بعد آلاف الضحايا و المعتقلين و المهجرين المفقودين و بعد الاعتداء على الأعراض و الأملاك و بعد الإذلال المتعمد و بعد قتل الأطفال و ترويع النساء و الشيوخ !! أيرجع المظلموم إلى بيته و يترك رجال العصابات و المجرمين بلا حساب طلقاء !!!

لمصلحة من سيكون هذا ؟!!

هل الحوار هو الحل ؟!!

هل يجب على المتظاهرين الجلوس إلى طاولة الحوار؟
و لماذا الحوار أصلاً و هل هم في قبضة المحتل حتى يفاوضهم و يساومهم على ضحاياهم و ممتلكاتهم ؟!!

أم أن الشعب السوري يواجه بعضاً من المجرمين - في مراكز القيادة من الذين خانوا أماناتهم و حنثوا بقسمهم و استبدوا و استكلبوا على السلطة التي منحهم إياها الشعب و سخّروا كل شيء لحسابهم ، و بدافع الحرص على ما وصلوا إليه هم يثخنوا في الشعب القتل و التدمير – هؤلاء المجرمون هم الذين يجب على الشعب إلقاء القبض عليهم و محاكمتهم ليكونوا عبرة لغيرهم لا ان يتحوار معهم !!!

أما إذا كان الشعب تحت الاحتلال فالثورة باقية شعلتها لا تنطفئ أبداً مهما احتاجت من الشهداء و التضحيات حتى تحرير البلاد و العباد من ربق الاحتلال و تحكم المحتل و مهما امتد الزمن و طالت الأيام و بلغت الخسائر، و الواقفون مع المحتل خونة لشعبهم و لبلدهم متآمرين في سبيل مصالحهم. ولنا في الأمم التي سبقتنا المثل و العبرة .

أما إذا كان الشعب بصدد استعادة الحقوق و تغيير السلطة و محاسبة المفسدين و المجرمين ، فلماذا هو بحاجة للتفاوض و الحوار أصلاً ، أليس كل شيء واضح للعيان ؟ أو ليست مسؤولية النظام إلقاء القبض على هؤلاء المجرمين الذين نهبوا البلاد و قتلوا العباد و اعتقلوا الأطفال و تحويلهم إلى العدالة ؟!!

و إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال فلماذا لا يحاكم المجرمون و تعاد الحقوق إلى أصحابها و تنتهي التظاهرات ؟!!

إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال لماذا يدخل الجيش على المدن و تختلق الأعذار لقتلهم و تدمير ممتلكاتهم ؟!!
إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال لماذا تفتعل الفتن الطائفية و تطلق يد العصابات الإجرامية في دماء الشعب و أعراض أبنائه ؟!!
إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال لماذا لا يسمح للإعلام العربي و الأجنبي بتغطية الأحداث ؟!!
إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال لماذا تعتبر المعارضة الشريفة التي تقف مع الشعب و تدعم حقوقه ، خائنة عميلة بدلاً من معاملتها كأي من القوى الوطنية التي تعمل لمصلحة البلاد ؟!!
إذا لم يكن السوريين تحت الاحتلال لماذا يسجن المثقفين و المفكرين و الحقوقيين و الصحفيين إذا انتقدوا الفساد و الممارسات الغير قانونية و دعموا حقوق الشعب و طالبوا بحماية مصالحه ؟!!

هذا ما تسعى إليه الثورة
إن ما يريده النظام و يسعى إليه هو استمرار الاستحواذ على السلطة متخذاً من التهديد بالحرب الأهلية تارة و بإشعال الفتنة الطائفية تارة أخرى ذريعة للبقاء في الحكم. و للأسف فقد فرض النظام الأهوج على الشعب السوري الطامح إلى الحرية حرباً ليس له فيها سوى خيار الاستمرار في التظاهر السلمي و الصمود مهما طال الزمن أو قصر حتى يسقط المغتصب و تعود للشعب سلطاته و حرياته المسلوبة من نصف قرن و هذا ما تريده الثورة و تكافح للتحقيقه و ستصل إليه إن عاجلاً أو آجلاً ، و أما الانشقاقات و الصدام المسلح فالنظام مسؤول عنها تماماً وليس للثورة السلمية فيها ناقة أو جمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق