إن سقوط ما عرف بجدار برلين آنذاك أدى إلى انهيار
الشيوعية و بالتالي تفكك الاتحاد السوفيتي و ظهور كيانات سياسية جديدة .
على إثر هزيمة الألمان في الحرب العالمية الثانية و احتلالها
من قبل الدول المنتصرة تم تقسمها إلى عدة أقسام خرجت في النهاية في كيانين سياسيين
متحاربين الأول جمهورية ألمانيا الديمقراطية و الثاني جمهورية ألمانيا الاتحادية و
جعلت برلين عاصمة للقسم الاشتراكي.
و مع زيادة حدة الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي الشرقي
و الرأسمالي الغربي قام أكثر من ثلاثة ملايين ألماني شرقي من خيرة المتعلمين
بالهرب إلى ألمانيا الغربية مما هدد الدولة الاشتراكية اقتصاديا و دفعها إلى بناء الجدار
المشهور الذي قسم برلين عام 1961 م إلى قسمين و قطع شعبها إلى شعبين .
و بسبب التفاوت الاقتصادي بين القسم الشرقي و الغربي و
استغلال الشعب الألماني لهذه الفروقات و الذي أدى إلى إضعاف الجانب الاشتراكي و
دفعه في نوفمبر عام 1989 م إلى الإعلان عن رفع قيود التنقل بين الألمانيتين ، هذا
الإعلان الذي دفع الشرقيين إلى التوجه إلى القسم الغربي و من ثم القيام بهدم هذا
الجدار الذي اعتبر لمدة 28 عاماً رمزاً لتقسيم مدينة واحدة و شعب واحد .
إن سقوط ما عرف بجدار برلين آنذاك أدى إلى انهيار
الشيوعية و بالتالي تفكك الاتحاد السوفيتي و ظهور كيانات سياسية جديدة .
و اليوم يعتبر الرئيس الروسي مدفيدف أن الثورات العربية التي
تقوم بإسقاط هذه النظم المتحنطة سوف تحدث تغيرات جديدة في المنطقة تؤدي إلى تحولات
تاريخية كبيرة مشابهة لما أحدثه سقوط جدار برلين في أوروبا تلك الفترة .
ويذكر الكرملين على موقعه أن مدفيدف قال " أن الأحداث
في العالم العربي تؤكد مجددا ضرورة إجراء إصلاحات اجتماعية اقتصادية في وقتها " .
و السؤال هل يعتبر مدفيدف أن النظام السوري كجدار
برلين ؟ و هل يعتقد النظام الإيراني ذلك أيضاً ؟ و ما بال من يقدم المساعدات من
الخليجين للنظام السوري ؟ هل هم أيضاً يعتقدون الشيء نفسه ؟
و حيث يرى الشعب السوري الذي ثار على بشار الأسد أن
النظام السوري هو فعلاً يمثل جدار برلين الذي قسمهم عبر الأربعين سنة الماضية و
شتت شملهم في داخل البلاد و خارجها و حرمهم حرياتهم و كرامتهم و أنهم الآن بصدد إسقاطه
و إزالته عن الوجود، غير آبهين بالمشكلات الاقتصادية التي عانوا من وطأتها في الماضي
و لا زالوا يعانون منها حتى الآن ، و أن إرجاع أسباب الثورة إلى الأسباب
الاقتصادية بعد أنهار الدم الذي ما زال يسيل و أعداد المعتقلين المتزايدة في
السجون و هرب المدنيين إلى الدول المجاورة ما هو إلى احتقار لمطالبهم و ثورتهم
المباركة.
نرى أن الإيرانيين الخائفين من التحولات التي يشير إليها
مدفيدف يهرعون إلى تقديم المساعدات المالية و التي تقدر بـ 5.8 مليار دولار أمريكي
و منح الأسد قرضاً مالياً لمدة ثلاثة أشهر قيمته 1.5 مليار دولار أمريكي كما ورد
في تقرير لمركز أبحاث إيراني ، إضافة ما ذكرته صحيفة ليزيكو الفرنسية أن إيران قد ترسل
إلى سورية 290 ألف برميل نفط يومياً خلال الشهر المقبل مساعدة للنظام السوري إضافة
إلى المساعدة في تعزيز مراقبة الحدود لمنع السوريين من الفرار إلى لبنان و بحوزتهم
أموالهم . و من الملفت للانتباه في هذا السياق هو مساعدة الحكومة الكويتية للنظام
السوري بمبلغ 111 مليون دولار أمريكي .
و بالرغم من الإشارة التي أوحى بها قائد شرطة إمارة دبي
ضاحي الخلفان من أن الفساد هو سبب النقمة و أن تأخر مكافحة الفساد هو سبب تفجر الثورات
العربية ، ربما مازال يريد كل هؤلاء الاعتقاد أن مسببات الثورات العربية هي عوامل اقتصادية
و هم بأفعالهم هذه يريدون أن يصدقوا أنهم قاموا بواجبهم تجاه
هذه الأزمة التي أرى أنها ستقض مضاجعهم قريباً جداً إن لم يقفوا بجانب ثورات
الشعوب المظلومة هذه و يساندوها و يتوجهوا إلى شعوبهم برفع الظلم عنهم و إنصافهم
قبل أن يسقط جدار برلين الخاص بهم على رؤوسهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق