السبت، 20 أكتوبر 2012

الاختلاف ما بين المجتمعات المتحضرة و المتخلفة

إن الاختلاف هو طيع البشر و السوريون بتنوعهم قد جعلوا للاختلاف أبعاداً أخرى ، و لا شك أن لكل منا الحق في أن يتبنى المعتقد أو الرأي الذي يراه مناسباً و أن يؤمن أنه الصحيح .. 
لكن الذي لا حق لنا فيه هو ازدراء معتقدات الآخرين أو محاولة تغييرها بدون دعوة أو مناسبة لذلك .
الطريقة الوحيدة المسموحة للدعوة إلى فكرك أو معتقدك أو رأيك هي إبراز أخلاقك الحسنة الراقية التي تعامل بها الآخرين و إظهار أدبك و احترا
مك لهم في مخاطبتهم ..
و اعلموا أيها الأخوة الأكارم أن المنافسة الحقيقية هي في إظهار المحبة و القدرة على الاستيعاب و سعة الصدر و القدرة على التحمل و العطاء و البذل و اللطف للآخرين و ليست المنافسة في إظهار الكراهية و الاستقواء و التكبر و التعنت و التململ و الإلغاء و اللؤم و الجلافة و الأنانية و حب الظهور ..
و اعلموا أيها الأحبة أن في التنوع و الاختلاف جوانب مفيدة كثيرة علينا استغلالها و هذه ميزة من أهم ميزات المجتمعات المتحضرة ، لا الوقوع في مضار التنوع و الاختلاف و إثارة جوانبها المؤذية المهلكة إذ لا فضل في ذلك و حدوثه لا يحتاج منا إلا إلى التجاهل و الجهل و الجهال و هذه ميزة من أهم ميزات المجتمعات المتخلفة ..
و جاليتنا هذه التي نبنيها هنا في المغترب قد أردناها قدوة لمجتمع متحضر يستفيد من تنوع أبنائه و اختلافاتهم لا أن يزيد في فرقتهم و تشتتهم ..
عصمنا الله و إياكم من كل سوء ..

الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

أين الذي ألقيت مما ألقى الذي قبلك ؟!!!!



في كل مرة كنت أدعى فيها إلى حفل ما أو أحضر مجلس عزاء ، كان يطلب مني إلقاء كلمة أمام الحضور .. بعض الأحيان تكون الأفكار حاضرة و في بعضها تعز علي فلا أدري كيف أستخرجها ..
و المحرج أن الأخوة لا يقبلون اعتذاري عن الكلمة و يقولون لي : أستاذ أي شيء لا بد أن تلقي كلمة .. فأقول معتذراً: أيها الأخوة لا شيء في جعبتي الآن .. فيقولون : معقول ؟!! أنت لا تجد شيئاً !! ..
و كان هذا في معظم الأوقات يحرضني و يعطيني حافزاً قوياً ، إذ يفتح أمامي المواضيع كلها فلا أعود مكترثاً لموافقة المناسبة أو الأحداث الدائرة فأستطيع الاقتراب و الابتعاد قدر ما أشاء.

و ما أن أمسك الميكرفون و أنظر في عيون الحضور حتى تبدأ الأفكار بالانهمار، تهطل كأنها الأمطار ، لا أدري كيف ألملمها و أصنفها و أرتبها .. لكن مع الوقت أصبحت متمكناً منها متحكماً بها .. حتى لتكاد ترى الناس في أكثر الأحيان لا يريدونني أن أتوقف عن الكلام مهما أطلت .. و هذا من توفيق الله و فضله ..

إلا أنه في إحدى المرات كنت مع أحد الزملاء قد تصاحبنا إلى حفل و كان الرجل قد سمع عني و يتحين الفرص لتقييمي .. و كنت أرى في عينيه و أحس في رجفة صوته ، أنه يضمر لي شيئاً عجزت عن معرفته ، و بت جل الوقت حائرا في تفسير ما أحسه منه .. لكن كنت قد أعددت خطاباَ جيداً يناسب الحفل ، و أعربت لهم عن نيتي في مشاركتهم فرحبوا بي و طلبوا مني الاستعداد ، و كنت أقول في نفسي ربما يتغير حال صاحبي مني بعد سماع كلمتي .. فلما حان الوقت اعتذروا أن يعطوا دوري لأحد الضيوف على أكون بعده ، فأجبتهم ، فألقى الرجل كل ما أعددت من أفكار لم يترك لي واحدة أنجو بها و كأنه كان يقرأ مما كتب في رأسي ، و مع كل كلمة كان يلفظها كنت أحس أني إلى الموت أقرب ، و كلما كنت أهم بالانسحاب هرباً ، كان صاحبي يمسك يدي قائلاً انتظر يارجل بات دورك وشيكاً .. حتى إذا انتهى تمنيت أن الأرض ابتلعتني فلا أرى أحداً و لا أحد يراني .. و هكذا حتى نودي باسمي فخرجت فلم أدر ما أقول و بت ألمح وأختصر و أوجز و أعتصر لا أعرف من أين أبدأ و لا كيف أنتهي و كلما نظرت إلى صاحبي وجدته يلوح برأسه يمنة و يسرة فتزداد محنتي و تشتد أزمتي إلى أن لمعت لي نهاية مشرفة انتهى معها مأزقي و فرجت بها كربتي .. فحمدت الله على ستر ماء وجهي و حفظ كرامتي .. و عدت إلى مقعدي فجلست كأني قد عملت الدهر كله أعاهد نفسي على ألا أعد كلمة مسبقاً .. و التفت إلى صاحبي فرمقني بنظرة و السعادة تملأ عينيه و قال مستهزءاً أين الذي ألقيت مما ألقى الذي قبلك لكن لا بأس عليك قد أنقذت نفسك ..

فتذكرت ما قاله أبو الطيب المتنبي:
ومن العداوة ما ينالك نفعُهُ     ومن الصداقة ما يضر ويؤلمُ

الأحد، 14 أكتوبر 2012

ناقل الكفر ليس بكافر !!!!!!!!!!!!!!!



دخلت مرة مجلس عزاء فسلمت و جلست و الناس جماعات يتهامسون دارت القهوة على الحضور حتى وصلتني و كان بجواري رجل يكبرني فقدمته على نفسي فشرب و شربت ثم التفت إلي و شكرني و دعا الله بالخلاص لنا جميعاً فأمنت خلفه فقال : لقد أصابنا الذل بعد عز و المشتكى لله ، قلت لا بأس عليك و مما تشكو ؟ قال أنا في البلد زائر و لم أستطع تسجيل أولادي في المدارس و لم أترك باباً إلا و طرقته فلم أفلح .. قلت لما لا تتقدم بطلب المنحة الدراسية التي أعلنت عنها الجالية السورية في الخليج على بوابتها الإلكترونية ؟ قال تلك التي على الانترنت ؟ قلت : بلى .. قال: يا شيخ لا تصدق كله كذب و احتيال .. قلت و كيف ذلك ؟ قال أقص عليك ، قلت و أنا كلي آذان صاغية .. قال: في آخر مرة لمحاولات تسجيل الأولاد في المدرسة التقيت بشاب دلني على المنحة تبع الجالية و أعطاني عنوانهم على الانترنت ، و أنا مثلي مثل الكثيرين جئنا لا نحمل كمبيوترات و لا نعرف كيف نتعامل مع الانترنت .. فقصدت قريبا له ولد يدرس في الجامعة عله يساعدني .. فلما أتيته و أخبرته ما حدث لي و ما أريده منه ، قال لي: يا شيخ كبر عقلك هؤلاء مثلهم مثل جميع المحتالين الذين استغلوا الظروف للظهور الإعلامي و اغتنوا من حاجات الناس عن طريق جمع التبرعات ، و كل ما سيقومون به هو الحصول على البيانات للمزيد من الاحتيال على الناس و استغلالهم !! قلت يا أخي قيل لي أنهم يقدمون منحا دراسية لمن هم في حالتي من أصحاب الزيارات و العمرة و الحج المتخلفين .. قال يا رجل إنما هم يتجسسون على من هم في مثل حالتك ليجدوا طرقاً جديدة في جمع المال ، ألا يكفيك أنهم زادوا علينا كفيلاً جديداً أسموه المعرف تارة و المزكي لطلب المنحة تارة أخرى !! فهل سترضى بمساعدتهم على استغلال الناس ؟ قلت لا و الله لن يكون .. انتهى ..
التفت إلي قائلاً: يا عمي و الله لن نترك أحداً بعد اليوم يستغلنا أو يضحك علينا لقد اكتفينا من الأسد و نظامه ..
قلت له : لكن هكذا و بهذه البساطة حكمت على إدارة الجالية و ما يفعلوه دون أن تتأكد ؟!!
قال : يا عمي هذه الأفلام حفظناها ما عادت تمر علينا ..
قلت: يا أخي اتق الله في نفسك ثم فيهم ، و ما يدريك أن قريبك كذبك و لم يصدقك ؟
هلا استعرضت موقع الجالية الإلكتروني و قرأت ما كتب حول المنح الدراسية ؟
أضعف الإيمان ، هلا سألت أحداً غير قريبك ؟ ربما الرجل لم يتأكد بنفسه و إنما قد نقل عن شخص آخر و هكذا ، و لم يتأكد أحد ممن يروج لهذا الخبر ضد إدارة الجالية .. و تعرف المثل الذي يتداوله السوريون : "يلعن اللي عادها و ما زادها" .. فالتفت إلي محتداً قائلاً: و ماذا تعرف عنهم ؟
قلت نعم القوم هم لا يستلمون التبرعات و لا يجمعون الاشتراكات و يصرفون من جيوبهم لمساعدة أهلهم ، و المعرف أو المزكي إنما هو أي شخص لديه إقامة سارية المفعول يقوم مقام ولي الأمر أمام إدارة الجالية ..
فابتسم لي قائلاً : أحسبك منهم .. قلت: بلى .. قال: لا تزعل من كلامي فناقل الكفر ليس بكافر .. قلت في نفسي لا حول و لا قوة إلا بالله ..
قلت يا أخي: حرمت أولادك من خير متاح للجميع و تحرم غيرك أيضاً بكلام تنقله لا أنت تعلم صدقه من كذبه .. و تتبع كلامك بأنا نحن قوم لن يضحك علينا ..
أقول لك و توسع لي صدرك قليلاً .. قال: تفضل ، قلت :
نحن قوم لم نعد ننتظر من يخدعنا فقد بتنا نخدع أنفسنا بأنفسنا مجاناً .. نحن قوم أصبحنا لا نحتاج إلى الأعداء لتخريب حياتنا إذ نقوم بذلك عنهم تبرعاً عن طيب خاطر ، فنحن نخرب حياتنا بأيدينا إذ بتنا أعداء أنفسنا ..

السبت، 13 أكتوبر 2012

بين اللامبالاة و الخيانة .. نتعامل مع ناشطينا


كثيرا ما كنت أتساءل عن دوافع الناشط الحقوقي أو ناشط الرأي عندما يقع قيد الاعتقال و هو يدافع عن حقوق الناس أمام أرباب الظلم و الجور .. 
ما الذي جعله يعرض نفسه للمخاطر في سبيل غيره ؟!! هؤلاء الذين رضوا و طأطؤا رؤوسهم للظالم و جنده ، يشيحون بوجوهم دائماً عنه و كأنهم شامتون مما أصابه لا يكتفون أنهم لا يدعمونه و لا يقفون إلى جانبه و أنهم يتركونه في مواجهة السجن و التعذيب ، بل إنهم يستخفون بتضحيته و إقد
امه ، و منهم ما اعتبره غير ناضج و منهم من اتهمه بالسعي إلى الشهرة ، و منهم من أنكر عليه موقفه بدون أن يطلب ليه الناس !!!!!؟؟
كلما أذكر هؤلاء الأبطال تنقطع أنفاسي و أقف متسمراً أفكر: كيف نشهد كلنا على اعتقالهم و سجنهم و تعذيبهم و لا نحرك ساكناً من أجلهم ؟
كم هي خيانة عظمى لهم تلك التي نرتكبها كل يوم صباح مساء عندما نتركهم لأقدارهم وحيدين دون أن نمد لهم أيدينا ، دون أن نقاسمهم ؟
كم كنا خونة .. و كم كنا عديمي الضمير ..
أيها السوريون ألم تصحو ضمائركم ؟
أيها السوريون ألم تستيقظوا بعد ؟
أيها السوريون إلى متى سيبقى فيكم أهل الحق صامدون بدون دعمكم ؟
أيها السوريون متى ستنتقلون من مناصرتهم بالأقوال إلى مناصرتهم بالأفعال و الأموال ؟
عار على كل من يرضى لنفسه الراحة و الطمأنينة و أحد هؤلاء قد حرم منها ..
عار على كل من يشعر بالهناءة في عيشه و أحد هؤلاء الأبطال يتذوق مرارة التعذيب و الاضطهاد ..
أي عار هذا و أي خذلان و اندحار ..
ثم يأتي أحدنا يسأل: متى نصر الله ؟
أقول لكم : و متى سننصر بعضنا بعضاً حتى ينصرنا الله ؟

الأحد، 7 أكتوبر 2012

أنا و العلمانيون و ما دار بين سلطان و أكاتبي ..



مهما اختلفت المعايير العلمية في قبول الأمور أو رفضها ما بين الأحزاب السياسية أو أصحاب المدارس الفكرية إلا أنها تبقى في حدود المنطق المفهوم و المستوعب ، فعلى الأقل لا تخرج عن إمكانية التبرير العقلي ..
أما في حالة الأحكام الدينية فربما تصادفنا أحياناً أحكاماً قد لا تجد لها مبررات عقلية نتقبلها جميعاً لأسباب مرتبطة بخصوصية الدين نفسه و لهذا تبقى هذه الأحكام خاصة بأهل الأديان و المؤمنين بها ..
لكن أن تجد علمانيين يفرضون أحكاماً غير مبررة منطقياً و لا يقبلها العقل بأي حال من الأحوال فهذه ظاهرة تدعو للاهتمام ..
في الواقع كنت قد قرأت خلال السنتين الماضيتين كتابات قصيرة لعدد من العلمانيين – أعتذر عن ذكر أسمائهم – كانت تشير كتاباتهم تلك إلى رغبة جامحة لديهم لتقديم العلمانية كدين إلى جانب الأديان السماوية ، و قد سألت البعض من أصحاب هذه الكتابات عما إذا اعتبرنا أن رغبتهم تحققت ، فأي كتاب من كتبهم سيكون كتابهم المقدس ؟ و أي مفكر من رجالاتهم سيكون رسولهم و مرجعهم ؟ فاتهمني عندها جميع أصدقائي العلمانيين أني أتحامل عليهم و أفسر كلامهم في غير محله ..

لكن اليوم بات لدي دليل قوي أتركه بين أيديكم:

فقد كتب عصام سلطان على صفحته في الفيسبوك تحت عنوان "يسقط الإسلام السياسي و يحيا الفقر" حول ما دار بينه و بين الدكتورة آكاتبي و هذا نصه :

كانت الدكتورة أكاتبى، أستاذة العلوم السياسية فى اسطنبول، فى غاية الامتعاض بسبب صعود حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان إلى سدة الحكم، حين زارتنى فى مكتبى منذ عشرة سنوات، كانت متحفزة ومتوترة ومتشنجة، كانت تقطع بأن تركيا ستضيع، وسيُفرض الحجاب على النساء، وستصادر الحريات وستنهار الخدمات، وستعود تركيا إلى عصر الحريم ! وعليه فقد قررت مع زملائها النخبويين إعلان ا
لحرب الإعلامية والدفع بالمظاهرات والإضرابات الفئوية لإفشال أردوغان، تمهيداً لإسقاطه، والقضاء على مشروعه ..
وحين التقيتها منذ أيام سألتها : هل تحققت نبوءتك ؟ فلم تُجب، فكررت السؤال، فالتفتت عنى، فحاصرتها بقولى مستطرداً : إننى لم أرَ فرضاً للحجاب على النساء عندكم، كما لم أرَ أى مصادرة للحريات، وكل ما رأيته خلال زيارتى الحالية أن حكومتكم بقيادة أردوغان قد استطاعت أن تقفز بالناتج المحلى من 230 مليار دولار إلى 747 مليار، ونصيب الفرد من 3500 دولار إلى 10000 دولار، والاحتياطى من 28 مليار دولار إلى 140 مليار، وزيادة نسبة الإنفاق الحكومى على الصحة إلى 225%، ورضا المواطنين عن الخدمة الصحية من 39% إلى 76%، وحتى المعاقين فقد ارتفعت نسبة الوظائف لهم من 10% إلى 38%، كل تلك القفزات حدثت خلال السنوات العشر التى حكمها الاسلام السياسى بقيادة أردوغان، بل الأغرب أن حكومتكم سَتُقْرِض صندوق النقد الدولى 5 مليار دولار !!! ألا ترين أنها إنجازات كبيرة فى مدة قليلة ؟ أجابت بحدة : أدرك ذلك جيداً فأنا أستاذة علوم سياسية، قلت إذن أين المشكلة ؟ إن معلوماتى أن حزب الشعب الذى تنتمين إليه أنتِ والنخبة المدنية المتحالفة مع العسكر، هو الذى صادر الحريات ومنع الحجاب بالجامعات وحظر الآذان وأذاق الشعب التركى ألوان الفقر والفساد والفشل لأكثر من ستين عاماً حكم فيها البلاد، ولولا صعود الاسلام السياسى لانتهت تركيا، ردَّت بصوتٍ محبط : نعم قلت لك أدرك ذلك جيداً، ولكنى لا أُطيق النظر إلى هؤلاء القادمين من حركات الاسلام السياسى، هؤلاء خطر على تركيا ! إننى أكرههم وأكره أفكارهم، يسقط الاسلام السياسى .. حينئذٍ لم أتمالك نفسى وهتفت وراءها .. ويحيا الفقر ..!!
هذا الحوار عن تركيا .. وليس عن مصر ..

و هل نهاية هذا الحوار إلا دليل واضح على ما أصبح عليه بعض العلمانيين من تطرف و بعد عن المنطق و العقل و تشبههم بمن ينتقدونهم من المتطرفين ..