الاثنين، 31 ديسمبر 2012

بين الإخلاص و الإفلاس



فلان بن فلان رئيس مجلس إدارة رابطة كذا و رئيس مكتب تنفيذي في تجمع كذا و منسق عام في تنسيقية كذا و مدير العلاقات العامة في مجلس كذا و مدير البرامج و الخدمات في ائتلاف كذا و مسؤول مالي في حزب كذا و عضو الأمانة العامة في لجنة كذا و عضو مجلس الإدارة في هيئة كذا و مسؤول الإعلام في مؤسسة كذا .. شي أربع و أربعين منصب أو وظيفة ..
و الأسبوع الماضي دخل في مشادة مع أحد أعضاء أحد التيارات لرفضهم تسميته في منصب من المناصب التي توزع على الأحباب ..
و الذي يعتقد أني أمزح فهو متفاءل كثيرا .. أنا أؤكد لكم أني أروي لكم الحقيقة و حتى لا يكون تشهيرا لم أذكر الاسم ..
و للمعلومية يوجد من هذا الطراز الكثيرين بعضهم بعشرين منصب و بعضهم الآخر بخمسة عشر و بعضهم بعشرة و بعضهم بخمسة و نادرا ما تجد ناشطا بمنصب واحد ..
و حتى لا تقولوا لي و أنت لماذا تستثني نفسك أقول : أما بالنسبة لي فأنا بالإضافة إلى العمل الذي أقتات منه فإني أقوم بمهام الرئيس التنفيذي في الجالية أسد معها بعض النقص في مجلة الجالية و بعض الأعمال في الإدارة بسبب "جماعة الأربعة و أربعين" و من على سنتهم و منهجهم و الباقي هي عضويات لا أتحمل معها أية مسؤولية .. و بالرغم من التخطيط للقيام بحق هذه المسؤوليات إلا أنني أجد نفسي متعبا دائما و مقصرا بحق بيتي و أولادي ..
لكني أتساءل و أسألكم جميعاً:
بالله عليكم ألم يسأل أحدكم نفسه كيف سيؤدي مهامه تجاه أكثر من وظيفة إضافة إلى عمله الرئيسي ؟
بالله عليكم ألم يسأل أحدكم نفسه كيف ستنجح المنظمة التي اعتمدت عليه و هو لديه مسؤوليات في أربعين منظمة ؟ أو حتى اثنتين أو ثلاثة ؟
بالله عليكم كيف تعتقدوا أن الناس سيثقون بهذه المنظمات التي تؤسسونها و يرون أسماءكم تتكرر في معظمها ؟
بالله عليكم كيف تثقوا بأنكم ستحققوا النجاح ؟
بالله عليكم لم لا تفسحوا المجال لغيركم ؟
بالله عليكم هل أنتم جادون فيما تفعلون ؟
بالله عليكم ما الطراز القيادي الذي تقتدون به أو من هي الشخصيات القيادية التي تعتبرونها مثلا أعلى لكم غير شخصيات حزب البعث و عصابة الأسد ؟
متى ستنتهي هذه الحالة من استغباء الناس و استجهالهم و اللعب على حاجاتهم و عواطفهم ؟
بالله عليكم متى ستنتهي هذه الحالة من الاستهتار بالموارد و الطاقات و الخبرات و الأوقات ؟
بالله عليكم متى سنقوم بعمل جيد نخلص في أداء حقه و نحقق أهدافه ؟
و يتهمونك بإحباط الناس إذا قلت لهم الحقيقة المرة ، و هي أن أزمتنا لا زالت مستمرة و أن المتآمرين علينا لا زالوا يراهنون على تشتتنا و شرذمتنا و هدرنا للفرص و الموارد و تسمع من هنا و هناك من يقول لك : تعبنا و لم نعد نحتمل أكثر ..
و أقول لما لا تستريحوا و تريحوا ؟ لما لا تتخصصوا بحسب اختصاصاتكم و تضعوا مصالحكم في أيدي خبرائكم ؟ ألم تستمعوا إلى رسول الله يقول : "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" ألم تعلموا أن الله يقول في محكم التنزيل :"و اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنين"
ألا تخشون دعاء الناس عليكم ؟ طيب .. ألا تخشون حساب الله لكم ؟
هل من المعقول أن يطلب صاحب المناصب رضى الله بسخطه ؟!!!!!!!!!!!!!!!
و أنتم أيها الناس تعذرونهم و تعطوهم الأعذار العذر تلو العذر هل اعتدتم وجود أسد في حياتكم تحنون إليه بعد طاغيتكم الذي تحاربونه ؟
تستجيبون لهم و لا تمنعون عنهم مواردكم و لا طاقاتكم و لا أوقاتكم و فوقها تعذرونهم و تطلبوا لهم الأعذار .. ثم يأتي أحدهم و يقول ما قال رسول الله في حق صيانة المحبة بين الأهل و الأقارب و الأصدقاء و الجيران "أعط أخاك سبعين عذرا فإن لم تجد فاتهم نفسك" ليجعلها ذريعة لتقاعسه عن رد الحيف الذي يقع على الناس و ليسكت من يطالب بالحقوق ..../.، ألم تعلموا أن الساكت عن الحق شيطان أخرس ..
و الله ما هذا بالإخلاص .. ما هذا إلا إفلاس ..

السبت، 29 ديسمبر 2012

تيتي تيتي ..




لقد اعتدت على موضة وجود ما يسمى رؤية و رسالة المنظمة في مطبوعاتها الرسمية طبعا أسوة بالمنظمات الغربية و غالبا ما يكون المكلف باختيار أفضل العبارات الرنانة هم أصحاب اللغة العربية .. مع أن الرؤية هي الهدف الاستراتيحي البعيد و الرسالة هي توضيح لكيفية الوصول إلى هذا الهدف الاستراتيحي البعيد إلا أن التقليد الأعمى تطلب ذلك و ليست الحاجة إلى التخطيط الاستراتيجي الذي بقي حبيس دماغ المؤسسين .. 

و مع انتشار ظاهرة تأسيس المنظمات بين أفراد المجتمع السوري فقد ظهرت موضة جديدة هي موضة الهيكل التنظيمي الذي و بنفس الطريقة تم التعامل معه على أنه زركشة إضافية لمطبوعات المنظمة و فقرة ترفيهية تدرج في جدول أعمال معظم لقاءات المنظمة ، يقوم أحد أعضاء مجلس الإدارة الظرفاء بالحديث عن هوايته و هواية زملائه بقية أعضاء مجلس الإدارة في اهتمامهم في رسم المربعات و المستطيلات و الربط بينها بطريقة فنية تتناسب مع شريحة العرض من جهة و بما يتنافس مع ما يرسمه الغربيون باللون و التشكيلات الهندسية ، و ذلك خلال فقرة الشرح لهذا الهيكل التنظيمي .. و الملفت للانتباه هو الاعتبارات الحديثة عند هؤلاء القوم الظرفاء "المؤسسين الجدد" من أن التوفير في استخدام المربعات و المستطيلات و ترك عدد منها بلا ارتباط و توزيعها على شرائح العرض بطريقة متناسبة و متناظرة هو اكتشاف نوعي لمبدأ جديد أسموه "الرؤية العامة في عرض الهياكل التنظيمية" ينسب لهم في هذا العصر و طبعا يعقبون بكل تواضع أن الفضل للثورة ..

و الجدير بالاهتمام أن الجميع يرى الضرر بأم عينيه بسبب عدم وجود التخصص إلا أنهم متفقون على مبدأ "أعطوه وقت" عند التعليق على ما يهدر في عملية التأسيس من طاقات و موارد ، بدعوى أن التأسيس يحتاج إلى وقت طويل و إلى تجارب كثيرة و يجب أن يعطى القائمين على التأسيس بضع سنين ليستكملوا تنظيمهم ..

و هذا حقيقي فالسوريون لم يكونوا يوما عابئين بالموارد أو بالوقت و إلا لما بقي آل الأسد كل تلك السنين ، و لا أظنهم بعد الثورة أصبحوا عابئين .. لا زالت المناصب تعطى للأصدقاء و الأقرباء و لا زال المشايخ يباركون لمن يكرمهم و يظهرهم و يضع أسماءهم في قوائم المؤسسين و يحاربون من لا يحذو حذوهم .. و لا زال الخبراء و أهل الفن مستبعدون لألا يكشفوا المستور فيقع المحظور و ينطبق عليهم المثل المشهور "تيتي تيتي مثل ما رحتي مثل ما جيتي" لا .. و فوقها الفضيحة أيضاً .. و على الله ..


الأحد، 23 ديسمبر 2012

الصداقة و الحاجة ..

بعض دعاة الصداقة و المحبة الأخوية عندما تكون بغنى عنه تراه في كل مكان تذهب إليه يكاد يخرج لك من الجوال في بعض الأحيان من كثرة الرسائل التي يرسلها و الأشواق التي يبثها و في بعضها الآخر تتوقع أن يخرج لك في المنام من شدة حبه و ملازمته لك .. فتقول يا لحظي السعيد بالأصدقاء .. لكن بالخبرة و كثرة التجارب تقول ماذا لو أظهرت له أنك بحاجة ماذا سيفعل ؟
و أقول لك ، إياك أن يلمس لديك حاجة ما أو يكتشف أنك بحاجة إلى مساعدة في أمر ما فإنه يبدأ بالتعالي عليك متجاهلاً حاجتك ثم يخطط للانسحاب شيئا فشيئا من حياتك فإذا تأكد أنك ستحتاجه فعلاً و قد تطلب منه المساعدة فاعلم أنه سيختفي للأبد و لن تراه بعدها أبداً .. و هذا النوع أصبح مألوفاً في هذا الزمان و لن يصدمك فعله بل ربما تتوقعه مسبقاً ..
لكن ذاك الذي يحس بحاجتك للمساعدة فيستبقك فيفتري عليك متذرعاً بشيء لا يخطر على بال بشر ، من مثل لم يسلم علي بشكل لائق ؟ أو لم رد عليّ بتكبر ؟ أو لم تجاهل رغبتي ؟ ، كل ذلك ليقطع عليك الطريق فلا تستطيع أن تسأله أو تطلب منه حتى ، و تصبح تتمنى لو يكف عنك بلاه ..
إذا واجهتك مثل هذه القصص فاعلم أن الله قد أراد لك خيراً بوضعك في هذه الضائقة ليكشف لك ما غاب عنك و يدلك على ما فاتك فاحمد الله ..
لكن صديقي الذي ليس له مثيل عندما أحس بحاجتي التي لم أتأكد أنها واقعة بي بعد ، ذهب يتلمسها ليقطع عليها الطريق أن تصيبني و لم يفتر له جهد حتى قضى أمري و أنا لا أعلم ..
صديقي و أخي فداءك نفسي لا أجد نعمة في هذه الدنيا توازي العافية في الدين و البدن إلا وجودك بقربي .

الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

الضوابط و المعايير بين الاختلاف أو الخلاف



السعي وراء المصالح بدون وضوح الضوابط و المعايير هو بمثابة جلب الضرر من حيث لا نعلم و قد وصف الرسول عليه الصلاة و السلام صاحب الحاجة بالأرعن و كذلك وصف القرآن هذه الحالة عند البشر بقوله تعالى : " ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير " فالأولى دلت على سوء التصرف و الثانية دلت على فقدان الغاية .. و حين لم يقل "يدع المؤمن بالشر دعاءه بالخير" لأن الإيمان هو إحداث هذه الضوابط و المعايير في حياتنا و العمل بمقتضاها ، فالإيمان ما وقر في القلب و صدقه العمل ، و حتى ينجح العمل و يلتزم بهذه الضوابط و المعايير فلا بد من الدساتير لتنظيم العاملين و القوانين لتحديد مسؤوليات القائمين عليه و اللوائح التي تشرح طريقة القيام به .. لماذا ؟ لمنع الاقتتال و الفساد و الهدر و الاستفادة من الموارد و التركيز على الوجهة ، ذلك كله لما ؟ لتحقيق المصالح التي و إن شابها بعض الضرر أو الانحراف البسيط كان سهل تجاوزه و عدم التعقيب عليه ..
لذلك عندما يحدث الاختلاف في طلب المصالح و تكون الضوابط و المعايير واحدة لا يؤدي ذلك إلى الخلاف و يمكن الوصول إلى حلول مهما اختلفت الدساتير و القوانين .. بينما يقع الخلاف حتى و إن اتفقت المصالح لاختلاف الضوابط و المعايير و إن اتفقت الدساتير و القوانين ..
و الاختلاف كما قيل لا يفسد للود قضية لكن الخلاف يصل بالمختلفين إلى العداوة و الاحتراب ..
و الضوابط و المعايير ليست قوانين أو دساتير إنما هي قيم و أخلاق .. و قد قال عليه الصلاة و السلام "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" فعندما أتمها أصبحت الشريعة حاجة ضرورية لازمة لتحقيق المصالح و ليست فرضاً قسرياً على الناس .. و لم يفضي الاختلاف في فهم بعض أبواب الشريعة إلى الخلاف كما هو حاصل اليوم و لم يؤثر ذلك على وحدة الأمة و قوتها بل زاد في مناعتها و قدرة دينها على النفوذ إلى الأمم بالحجة و المنطق لا بالقوة و الإكراه .. و بالتالي استطاعت تحقيق كل مصالحها ، و من نازعها و حاربها كان ممن اختلف معها في الضوابط و المعايير و أما الاختلاف في الشريعة فكانت له حلول كثيرة معظمها قد حض عليها الكتاب و السنة .. و اليوم أرى التاريخ يعيد الكثير من نفسه في أحداث الثورة السورية و ما يدور بين مكونات الشعب السوري .. سائلاً المولى القدير أن يرينا الحق حقاً و يعيننا على اتباعه و أن يرينا الباطل باطلاً و يعيننا على اجتنابه ..

السبت، 15 ديسمبر 2012

حرية الأذهان أولى من حرية الأبدان


مع كل فتنة أخرجتها أجهزة النظام الأسدي لضرب الناس بعضهم ببعض ، سقط معها عدد من الناشطين الذين كنا نعتبرهم أعمدة للثورة و سنداً لوحدة الشعب ، و أقل ما اعتقدناه بهم أنهم الشخصيات الوطنية الواعية التي لن نغلب و هم معنا في ركب الدفاع عن قضايانا و طموحاتنا ..
لكن رب ضارة نافعة فمع طول المحنة و كثرة الامتحانات التي سقط معها الكثير لم نعدم الشرفاء أهل العقل و الفهم و الذوق الذين يجمعون الناس و لا يفرقون ، أهل الحق الثابتين على العهد ، الراسخين في العلم ، الذين لا يميلون مع الأهواء ، و لا ينقلبون مع الأراء ، مصادرهم دقيقة لا تقبل القيل و القال ، و أحكامهم سديدة لا تحكمها الأمزجة أو المصالح ، لا يظلم عندهم ضعيف أو امرأة أو شيخ ، و لا ينتصف لديهم أهل القوة أو السلطان أو المال ، إذا نظروا دققوا و استبانوا و حققوا ، و إذا حكموا عدلوا و لم يسرفوا أو يفرطوا ..
أما أنتم أيها الضعفاء الذين كلما دارت الدوائر أو مالت الموازين أو لعبت الأهواء لم يقع الحيف إلا عليكم ، و لم ينتقص إلّا جانبكم ، ليس لكم إلا أصواتكم الضغيفة و كلماتكم اللطيفة ، تنافحون بها عن حقوقكم التي لا ينتقصها إلا أهل النقص و لا يترها إلى أهل الخسة ، لا تظهر رجولتهم إلا جرأة عليكم ، و لا يسمع نقدهم إلا فيكم ، أمنوا الحساب فافتروا ، و طمعوا في المديح فاغترّوا ، و ما لكم ناصر إلا الله ، و ما لهم إلا الشيطان خاذل ، فلا تبتئسوا رب ضارة نافعة و رب مظلمة في الدنيا رافعة عند الله أعلى الرتب ..
و مهما طال الزمن فلا بد للحقائق أن تنجلي و لا بد للأقنعة أن تنكشف و لا بد للحق أن يعلو و لا بد للقيد أن ينكسر ..
سائلين المولى العظيم أن تتحرر الأذهان كما تتحرر الأبدان .. و ألا يكون الدين إلا لله و لو كره المنافقون ..

الأحد، 9 ديسمبر 2012

تصحيح الأوضاع من الإشاعة إلى الواقع ..


من الإشاعة إلى الواقع
إن موضوع تصحيح الأوضاع بالنسبة لحملة تأشيرات الزيارة و العمرة و الحج أمر هام لعب بأوتار القلوب خلال العشرة شهور الماضية حيث كان أول من بدأ العمل على هذا الموضوع و بمبادرة فردية هو الشيخ عدنان العرعور في مدينة الرياض إذ بدأ مكتبه بجمع صور جوازات العديد من السوريين من حملة هذه التأشيرات بغرض تعديل أوضاعهم و منحهم الإقامة ، الأمر الذي لم يحدث و طال انتظار الناس كثيراً له إلى أن فقدوا الأمل بذلك ، و أصبح هذا الموضوع حديث الساعة  في الأوساط السورية في مدن الخليج العربي بعدها ، و لم أدخل مجلساً خلال تلك الفترة إلا سئلت عنه .. و هكذا حتى فاجئ الشيخ عبد الإله الملحم الجميع بتاريخ 13 ذو القعدة الموافق لـ 20 أوكتوبر بإعلانه الحصول على موافقة صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية الأسبق على تشكيل لجنة لتصحيح الأوضاع و كما جاء على لسان الشيخ عبد الإله في الخبر الذي نشرته مجلة الجالية في وقتها حول منح ما يسمى الإقامة المؤقتة و كشف عصابات النظام و جواسيسه في المملكة ، و بناء عليه فقد تم دعوة إدارة الجالية في الرياض لمناقشة الوضع و الترتيب بسرعة لطريقة التعاطي مع هذه الموافقة .
و بناء عليه تم الاتفاق مع إدارة الجالية السورية في الخليح للقيام بمهمة جمع البيانات و تحضير ملف كامل عن حملة تأشيرات الزيارة و العمرة و الحج الموجودون في المملكة العربية السعودية لرفعها إلى وزارة الداخلية من أجل الدراسة .
و قد كان هناك العديد من المشاورات مع النشطاء حول هذه المهمة الموكلة لإدارة الجالية و قد أبدوا تحفظهم و خوفهم من فسح المجال لأعداء الثورة للتنقل بسهولة بين مدن المملكة و التجسس على مناصري الثورة و كشف هوياتهم الحقيقية لمخابرات النظام مما يعطيهم القدرة على إيذاء الناشطين و أهليهم في سورية ، و هكذا اجتمعت المتطلبات الأمنية في عملية التصحيح من قبل الكثير من الناشطين مع المتطلبات الأمنية للوزارة ، و بالتالي أتت عملية ربط الطلبات بمعرف من أبناء الجالية المقيمين شرطاً يلبي احتياجات الجميع .. إلّا أن الجهود الساعية لإيجاد حل لهذه المشكلة قد تعرضت إلى قدر كبير من التشتيت و التضييع و التشكيك من قبل العديد من السوريين و على رأسهم المنافقين الذين أظهروا تأييدهم للثورة لكنهم كانوا أذرعاً و ألسناً لعصابات الأسد تشيع التخوين و تبث الفرقة و تشتت الآراء و تخذل نفوس الضعفاء و المترددين و قد وجدوا بيننا للأسف آذاناً صاغية ، مما أدى إلى فقدان الحماسة عند الجميع في الإقبال على التسجيل في بوابة الجالية و فقدان الثقة بحصول هذا التصحيح الموعود ..

إلى الأزمة
لكن السوريين الذين بدأوا دخول المملكة كزوار في مقتبل اندلاع أحداث الثورة السورية في آذار السنة الماضية 2011 م و الذين وصلوا إلى حدود ثلاثين ألف سوري في المملكة ، كانت معاناتهم قد بدأت ، و الذي لم يدركه إلى اليوم معظمنا ، منذ ذلك الحين و حتى إيقاف نظام إصدار التأشيرات و توقف استقبال جوازات السوريين في كافة سفارات المملكة في العالم بما فيها الأردن و مصرو لبنان ، أن الكثير من العائلات كان قد أنجبت خلال وجودها في المملكة ، و منهم من زوج ابنته ، و التي أنجبت هي بدورها أيضاً ، و أن الكثير منهم ممن لديه أولاد في سن الدراسة هو بحاجة للمدارس ، أي بحاجة للتوصيل و المصروف ، و التوصيل من و إلى المدرسة بحاجة لرخصة قيادة ، و المصروف شيئاً فشيئاً أصبح مرهقاً للمضيف ذوي الدخل المحدود ، و لا بد من مصدر رزق لرب الأسرة هذا ..

و كذلك الوضع بالنسبة للعزاب .. فالكل بحاجة للبيت ، الكل بحاجة لرعاية طبية ، الكل بحاجة لرخصة قيادة ، الكل بحاجة للمصروف ، و في النهاية الكل بحاجة للعمل أي بحاجة لأي نوع من أنواع التسويات من قبل وزارة الداخلية حتى يستطيع هؤلاء السوريون العيش بطريقة سليمة منضبطة ، دون اضطرارهم إلى اللجوء إلى أساليب مخلة بالقوانين لا سمح الله ..

ناهيك أخي القارئ عن المشاكل التي بدأ يعاني منها الكثير من هؤلاء السوريون بعد انقضاء فترة الثلاثة أشهر الأولى من وجوده في المملكة سواء كضيف أو كمعتمر أو حاج ..

الزيارات العائلية "الضيف و المضيف"
فالزيارات العائلية تقع مسؤوليتها على القريب طالب الزيارة ، ذاك المضيف الذي لم يكن يتوقع أن تطول فترة الاستضافة لأقربائه إلى هذا الحد ، فمن الزوار من لهم في المملكة أكثر من ستة عشر شهراً حتى اليوم أو أكثر .. و خصوصاً عندما يكون في استضافته عائلة بأكملها فالمصاعب تصبح غير محتملة و البعض مطلوب منه إعالة أكثر من عائلة حتى و إن لم يكن هو مضيفهم أو مستقدمهم ، فهناك عدد من السوريين قد لجأ إلى أقربائه البعيدين من السعوديين فقط لاستقدام قرابته أو أهله على شرط أن يتكفل هو بمصروفهم و سكنهم .. و مع الوقت فالسكن يضيق و الإمكانات المالية للكثيرين لا تحتمل .. هذا بالإضافة إلى تأمين الرسوم الشبه شهرية أحياناً لتجديد مدة الزيارة و التي قد تصل إلى مبلغ كبير إذا كان أفراد الأسرة عددهم كثير ..

هذا في جانب المضيف أما في جانب الضيف فالأوضاع مأساوية في كثير من الحالات ، فالضيف أصبح أولاده بحاجة إلى المدارس و بالتالي إلى التوصيل و المصروف و أحيانا لا يجد مدارس حكومية تقبل أولاده فتزيد الطامة عليه و يصبح بحاجة إلى المدارس الأهلية . كذلك أيضاً أصبح بحاجة للرعاية الصحية الأولية و المتخصصة أحياناً أخرى هذا عدا عن الحالات الطبية الصعبة المكلفة ، و بالتالي أصبح بحاجة إلى رخصة القيادة و هذا يعني خطورة الوقوع في الحوادث و الحاجة للتأمين بكل أنواعه ..

إشكالات قانونية
ثم نأتي إلى الحاجة إلى المسكن الخاص و مشكلة رفض تأجيره لعدم وجود الإقامة و الدخول في متاهات التستر على المستأجر في حال وقوع المشاكل و مسؤولية القريب المتستر و إشكالات كثيرة قد تحدث لكليهما ..
كما نأتي إلى الحاجة للعمل ، و امتناع الشركات أو المؤسسات عن تشغيل غير حملة الإقامة و أيضاً الدخول في متاهات التستر على العمالة الوافدة ، ناهيك عن حوادث و إصابات العمل و الحاجة للتأمين و أحياناً لنوع خاص من الرخص للعاملين في مجال المطاعم و المشافي و الحلاقين و السائقين و غيرهم ..

الزيارة التجارية
ثم نأتي إلى صاحب الزيارة التجارية الذي أتى على مؤسسة أو شركة فأصبح عبئاً عليها و مسؤولية قانونية و أمنية تحتاج إلى من يتحملها . و ينطبق على حامل الزيارة التجارية كل ما ينطبق على أصحاب الزيارات العائلية من تحديات خصوصاً عندما يكونون بصحبة عائلاتهم ، إلا أن الوضع يزيد صعوبة في حال الزيارة التجارية فالجهة التي تستضيف الزائر غالباً هي جهة اعتبارية و ليس قريب و بالتالي لن يقبل الموظف المسؤول تجديد الزيارة التجارية على مسؤوليته الشخصية دون موافقة المدير و أيضاً المدير لن يستطيع تحمل المسؤولية القانونية لبقاء الزائر ، و هنا يجد الزائر نفسه مهدداً بالتسفير في أي لحظة أو أنه يختار الهروب من الشركة و يصبح في إطار المخالفين للقوانين ..

العمرة و الحج
أما من قدموا بغرض العمرة أو الحج و لم يستطيعوا العودة إلى بلدهم بسبب الدمار الذي لحق ببيوتهم فأوضاعهم أشد سوء و مرارة فليس لهم من يلتزم بمساعدتهم و نادراً ما يكون لهم معارف يعينونهم أو أصدقاء و هؤلاء أيضاً يعانون ما يعانيه أصحاب الزيارات العائلية أو التجارية إلا أن وجودهم في المملكة مخالف فهم لا يستطيعون التجديد و الاستفادة من القرارات الصادرة لتسهيل حياتهم في المملكة ..

اللجوءإلى الجالية
استلمت إدارة بوابة الجالية الإلكترونية خلال الشهور الماضية الكثير من الرسائل التي وجهها أصحابها إلى إدارة الجالية يطلبون حلاً لمثل هذه الأوضاع ، كان قد أطلعني عليها الأخوة في اللجان المختصة من أجل الاستشارة و البحث عن حلول ..
و القارئ لهذه الرسائل يجد بين السطور إحساساً بالتعاسة و المرارة و الإحباط و خيبة الأمل تماماً كما يلمس الألم من البقاء بدون عمل ، ليس بسبب عدم القدرة ، بل بسبب الخوف من مخالفة القوانين و التسبب بالترحيل . هذا عدا عن تلك الرسائل التي تفوح منها رائحة المشاكل و ضجر الناس من بعضهم البعض في البيوت الصغيرة التي يسكنوها إضافة إلى المرض و الحاجة للدواء الباهظ الثمن و العلاجات الطبية المكلفة التي تحتاج التنويم في المشافي في بعض الأحيان ، إضافة إلى الرسائل التي تستجدي الحلول بسبب ضيق الحال و نفاذ صبر المضيفين على أقربائهم ..

في الخلاصة أوضاع هؤلاء السوريين توجع القلب و تنذر بتصرفات عند البعض غير مضمونة العواقب بسبب ضيق ذات اليد .. و أكثر الرسائل إيلاماً تلك التي ترسلها الأم المريضة التي تحتاج إلى العلاج الغالي تقول في النهاية أنا لست مهمة ، إنما المهم تأمين الدراسة لابنتي ، أرجوكم أمنوا لها قبولاً في إحدى مدارس الحكومة القريبة ، فنحن لا نملك المال الكافي للمدارس الخاصة ..

وزارة الداخلية
هذا في جانب السوريين أما في جانب الوزارة فلديها من المسؤوليات الكثير و أهمها تلك الأمنية التي قد يزيد بعض السوريون و أقول البعض و ليس الكل من وطأتها إن لم نجد لها جميعنا ترتيباً حكيماً . فالأجهزة الأمنية لديها من هموم مكافحة عصابات المخدرات و الدعارة و التشليح و السرقة و التزوير و التسول و الاحتيال الشيء الكثير ، و فوق ذلك كله ما قد يخطط له شبيحة الأسد و أعوانهم من أذناب إيران داخل البلاد من أعمال تخل بالأمن و بمصلحة المواطنين و المقيمين سواء بسواء .. كل هذا بحاجة إلى مراقبة و تدقيق لألّا يؤخذ الصالح بجريرة الطالح و ألا يعامل الطيبون معاملة المجرمين ..

طرق الحل المتوقعة
و لذلك كان لا بد من الاطلاع على أوضاع حملة تأشيرات الزيارة و العمرة و الحج داخل المملكة بدقة من خلال بوابة الجالية الإلكترونية ، ليتم تحديد الحالات الأشد احتياجاً من تلك الأقل أو التي قد لا تحتاج ، أو الحالات التي يمكن تعديل وضعها بسهولة و هي مشمولة في الإجراءات ، من تلك التي تحتاج إلى استصدار قانون و وضع إجراءات جديدة مناسبة لها ، إضافة إلى معرفة الأعداد بحسب الحالة و مدى تأثيرها على أنظمة المملكة في حال تطلب الأمر استثناءً أو تعديلاً لإجراءات موجودة ، فلن يقبل المسؤولون بأي حال اتخاذ القرارات بدون توفير كافة المعلومات اللازمة .
فعلى سبيل المثال : الزوجة و الأولاد الزائرون يمكن تعديل وضعهم و منحهم الإقامة كمرافقين على إقامة الزوج الأب بسهولة ، أما العائلات التي تحتاج إلى المدارس و الرعاية و الصحية و رخصة القيادة و الدخل ، فهي بحاجة إلى معالجة خاصة لإيجاد حل لمشكلة الكفيل و اختياره و صلاحية سجلاته الرسمية في مكتب العمل و التأمينات ، و كذلك الحال بالنسبة للزيارات التجارية و ملابسات العلاقة بين الزائر و الشركة صاحبة الزيارة .. و معرفة عدد الحالات في كل شريحة من هذه الشرائح سيكون له الدور الأكبر في تحديد طبيعة الحل و آليته و مواصفاته ..

التنافس و عدم وجود التعاون
و لهذا فقد اكتسب هذه الموضوع أهمية لم تبلغها قضية أخرى هنا في المغترب و في الوقت الذي لم يكن هذا الأمر ذا بال في مقتبل الثورة لقلة الأعداد المحتاجة فقد أصبح اليوم من أهم القضايا التي قمت بالكتابة و الشرح عنها على كل منبر دعيت له ، و قد حاولت الإدارة التنفيذية للجالية بمختلف مكاتبها التواصل مع العديد من الروابط و التنسيقيات السورية في منطقة الخليج إضافة إلى المجلس الوطني و عدد كبير من العلماء و عرضوا المشكلة على الجميع و طلبوا تعاونهم ، إلا أنهم لم يجنوا إلا التعاطف من بعض العقلاء من غير ذوي الحل و الربط ..

و الملفت للانتباه كان ظهور حالة من التنافس الغريب بين عدد من علماء سورية في السعودية من خلال الضغط على موظفي مكتب الشيخ عبد الإله للحصول على إذن للمشاركة في لجنة تصحيح الأوضاع و بالتالي المشاركة في عملية جمع صور الجوازات و تنظيم القوائم بأسماء الراغبين بتصحيح أوضاعهم و ذلك بدون ضوابط أو معايير في التسجيل أو التصنيف أو الجمع ، مما يجعل عملية الفرز و التصنيف و المراجعة شبه مستحيلة أو ذات تكلفة باهظة و تحتاج إلى وقت طويل .. و مما أدى في النهاية إلى زيادة الشكوك في نجاح هذا المشروع و فتور عملية التسجيل و تقديم الطلبات و زيادة الإحباط عند الجميع ..

دعوة ولاة الأمر
لذلك و من هذا المنبر ألتمس باسم إدارة الجالية و أعضائها جميعهم من ولاة الأمر في بلد الله الحرام المملكة العربية السعودية و جميع بلدان الخليج العربي أيدهم الله و سدد خطاهم أن يتعاونوا معنا لإيجاد حل شاف لأوضاع أهلنا الذين ضاقت بهم الدنيا و حطت بهم الأقدار في فناء عروبة و إسلام أخوانهم في الخليج و هم أهل لكل خير ..

دعوة الأخوة السوريون
كما ندعو أخواننا السوريين أن يتعاونوا معنا و يتابعوا تسجيل بياناتهم لنستكمل ملف تصحيح الأوضاع و الكف عن الاستجابة للشائعات و تسليم صور جوازات السفر هنا و هناك ، لأن ذلك سيطيل فترة التسجيل ، و يؤخر عرض المشكلة للدراسة و إيجاد الحلول ، هذا إذا لم يدمر المشروع أصلاً لا سمح الله ، و بالتالي سيزيد معاناة أهلنا في هذه الغربة ليس فقط لوضعهم الصعب هذا بل لعدم تضافر الجهود و توحيدها لحل مشكلتهم ..

كلمة للمشككين
و لمن يشكك بإمكانية حدوث عملية التصحيح إما بسبب تغيير الوزير أو لاعتماده على تصريحات بعض المسؤولين التنفيذيين نقول : لقد اعتدنا في القضايا التي تأخذ الطابع العام و التي يخشى أن تتحول إلى ظواهر اجتماعية قد تتسبب في إرباك الأمن و هتك حرمة القوانين ، أن يعطيها المسؤولون في الحكومة الكثير من الاهتمام و الأولوية في الحل على غيرها من القضايا الخاصة ، استشعاراً منهم بالمسؤولية أمام الله و الحكومة و الوطن ، و لن تسمح لهم أخلاقياتهم و قيمهم المهنية من جهة و الدينية من جهة أخرى ، أن يتركوا هذه القضايا عرضة لتحكم الأشرار و المفسدين من الانتهازيين و المحتالين لتحويلها إلى مصادر للتكسب غير المشروع على حساب هؤلاء المساكين و المعوزين الذين لم يبق لهم بعد الله إلى ولاة الأمر و أهل الخير و الفضل .. لذا وجب علينا العمل جميعاً لمد يد العون و طرق كل الخيارات المتاحة للتخلص من هذه الضائقة و عدم فسح المجال لها لتصبح ظاهرة تقض مضاجع الجميع .. و الله الموفق ..

السبت، 8 ديسمبر 2012

متى سنحترم التزاماتنا ؟


أنا أشهد أن كل الناشطين ممن عرفتهم خلال هذه الثورة هم من الأذكياء و المخلصين للوطن .. و لقد سمعت من معظمهم مبادرات هامة جداً في كل المجالات ..


و الحقيقة أنه لو تحقق 10 % مما سمعت من هذه المبادرات لكنا اليوم قد قطعنا الشيئ الكثير نحو المستقبل المطلوب ..
لكن الحقيقة أيضاً هي أن أقل من 10 % من هذه المبادارت الذي يتحول إلى مشاريع ناجحة .. و هذه نسبة متدنية جداً بل هي مصيبة كبيرة .. 

و السؤال المباشر هو لماذا ؟


في الواقع
 أني أشارك و قد شاركت في عدد من الفعاليات التي لا زالت تعمل حتى اللحظة و أهم ملاحظة قد تجيب على هذا السؤال هي:


أنه لا يوجد سلم أولويات على المستوى الشخصي للناشطين بالنسبة لأهمية الأدوار التي يلعبونها في هذه المشاريع و بينما تكون مشاركة الناشط في مشروع ما لها قدر عال من الأهمية و على أعلى الدرحات في سلم الأوليات عنده ، تكون للأسف عند الآخر غير موجودة على سلم أولوياته أصلاً بالرغم من التزامه في بداية الأمر .. و قس على ذلك بالنسبة لبقية المشاريع ..


فمشروع هام بالنسبة لك غير هام بالنسبة له ، و كلاكما عضوين مؤثرين في نجاح المشروع .. و طالما أن العملية مساهمات غير مأجورة فلا يوجد معيار للمحاسبة أو التدقيق حتى لا نخسر بعضنا البعض ..


و هكذا تضيع المشاريع على سلالم الأولويات الغير متوازنة أو الغير متناسبة .. و المشروع الذي يكتب له النجاح إذا لم يفضله الآخرون أو يفشلونه بسابق القصد و النية يأتي نجاحه ضعيفاً ناقصاً أو متأخراً ..


فمتى سنحترم التزاماتنا بالله عليكم أخبروني ؟
و الشكوى إلى الله ..