الأحد، 9 ديسمبر 2012

تصحيح الأوضاع من الإشاعة إلى الواقع ..


من الإشاعة إلى الواقع
إن موضوع تصحيح الأوضاع بالنسبة لحملة تأشيرات الزيارة و العمرة و الحج أمر هام لعب بأوتار القلوب خلال العشرة شهور الماضية حيث كان أول من بدأ العمل على هذا الموضوع و بمبادرة فردية هو الشيخ عدنان العرعور في مدينة الرياض إذ بدأ مكتبه بجمع صور جوازات العديد من السوريين من حملة هذه التأشيرات بغرض تعديل أوضاعهم و منحهم الإقامة ، الأمر الذي لم يحدث و طال انتظار الناس كثيراً له إلى أن فقدوا الأمل بذلك ، و أصبح هذا الموضوع حديث الساعة  في الأوساط السورية في مدن الخليج العربي بعدها ، و لم أدخل مجلساً خلال تلك الفترة إلا سئلت عنه .. و هكذا حتى فاجئ الشيخ عبد الإله الملحم الجميع بتاريخ 13 ذو القعدة الموافق لـ 20 أوكتوبر بإعلانه الحصول على موافقة صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية الأسبق على تشكيل لجنة لتصحيح الأوضاع و كما جاء على لسان الشيخ عبد الإله في الخبر الذي نشرته مجلة الجالية في وقتها حول منح ما يسمى الإقامة المؤقتة و كشف عصابات النظام و جواسيسه في المملكة ، و بناء عليه فقد تم دعوة إدارة الجالية في الرياض لمناقشة الوضع و الترتيب بسرعة لطريقة التعاطي مع هذه الموافقة .
و بناء عليه تم الاتفاق مع إدارة الجالية السورية في الخليح للقيام بمهمة جمع البيانات و تحضير ملف كامل عن حملة تأشيرات الزيارة و العمرة و الحج الموجودون في المملكة العربية السعودية لرفعها إلى وزارة الداخلية من أجل الدراسة .
و قد كان هناك العديد من المشاورات مع النشطاء حول هذه المهمة الموكلة لإدارة الجالية و قد أبدوا تحفظهم و خوفهم من فسح المجال لأعداء الثورة للتنقل بسهولة بين مدن المملكة و التجسس على مناصري الثورة و كشف هوياتهم الحقيقية لمخابرات النظام مما يعطيهم القدرة على إيذاء الناشطين و أهليهم في سورية ، و هكذا اجتمعت المتطلبات الأمنية في عملية التصحيح من قبل الكثير من الناشطين مع المتطلبات الأمنية للوزارة ، و بالتالي أتت عملية ربط الطلبات بمعرف من أبناء الجالية المقيمين شرطاً يلبي احتياجات الجميع .. إلّا أن الجهود الساعية لإيجاد حل لهذه المشكلة قد تعرضت إلى قدر كبير من التشتيت و التضييع و التشكيك من قبل العديد من السوريين و على رأسهم المنافقين الذين أظهروا تأييدهم للثورة لكنهم كانوا أذرعاً و ألسناً لعصابات الأسد تشيع التخوين و تبث الفرقة و تشتت الآراء و تخذل نفوس الضعفاء و المترددين و قد وجدوا بيننا للأسف آذاناً صاغية ، مما أدى إلى فقدان الحماسة عند الجميع في الإقبال على التسجيل في بوابة الجالية و فقدان الثقة بحصول هذا التصحيح الموعود ..

إلى الأزمة
لكن السوريين الذين بدأوا دخول المملكة كزوار في مقتبل اندلاع أحداث الثورة السورية في آذار السنة الماضية 2011 م و الذين وصلوا إلى حدود ثلاثين ألف سوري في المملكة ، كانت معاناتهم قد بدأت ، و الذي لم يدركه إلى اليوم معظمنا ، منذ ذلك الحين و حتى إيقاف نظام إصدار التأشيرات و توقف استقبال جوازات السوريين في كافة سفارات المملكة في العالم بما فيها الأردن و مصرو لبنان ، أن الكثير من العائلات كان قد أنجبت خلال وجودها في المملكة ، و منهم من زوج ابنته ، و التي أنجبت هي بدورها أيضاً ، و أن الكثير منهم ممن لديه أولاد في سن الدراسة هو بحاجة للمدارس ، أي بحاجة للتوصيل و المصروف ، و التوصيل من و إلى المدرسة بحاجة لرخصة قيادة ، و المصروف شيئاً فشيئاً أصبح مرهقاً للمضيف ذوي الدخل المحدود ، و لا بد من مصدر رزق لرب الأسرة هذا ..

و كذلك الوضع بالنسبة للعزاب .. فالكل بحاجة للبيت ، الكل بحاجة لرعاية طبية ، الكل بحاجة لرخصة قيادة ، الكل بحاجة للمصروف ، و في النهاية الكل بحاجة للعمل أي بحاجة لأي نوع من أنواع التسويات من قبل وزارة الداخلية حتى يستطيع هؤلاء السوريون العيش بطريقة سليمة منضبطة ، دون اضطرارهم إلى اللجوء إلى أساليب مخلة بالقوانين لا سمح الله ..

ناهيك أخي القارئ عن المشاكل التي بدأ يعاني منها الكثير من هؤلاء السوريون بعد انقضاء فترة الثلاثة أشهر الأولى من وجوده في المملكة سواء كضيف أو كمعتمر أو حاج ..

الزيارات العائلية "الضيف و المضيف"
فالزيارات العائلية تقع مسؤوليتها على القريب طالب الزيارة ، ذاك المضيف الذي لم يكن يتوقع أن تطول فترة الاستضافة لأقربائه إلى هذا الحد ، فمن الزوار من لهم في المملكة أكثر من ستة عشر شهراً حتى اليوم أو أكثر .. و خصوصاً عندما يكون في استضافته عائلة بأكملها فالمصاعب تصبح غير محتملة و البعض مطلوب منه إعالة أكثر من عائلة حتى و إن لم يكن هو مضيفهم أو مستقدمهم ، فهناك عدد من السوريين قد لجأ إلى أقربائه البعيدين من السعوديين فقط لاستقدام قرابته أو أهله على شرط أن يتكفل هو بمصروفهم و سكنهم .. و مع الوقت فالسكن يضيق و الإمكانات المالية للكثيرين لا تحتمل .. هذا بالإضافة إلى تأمين الرسوم الشبه شهرية أحياناً لتجديد مدة الزيارة و التي قد تصل إلى مبلغ كبير إذا كان أفراد الأسرة عددهم كثير ..

هذا في جانب المضيف أما في جانب الضيف فالأوضاع مأساوية في كثير من الحالات ، فالضيف أصبح أولاده بحاجة إلى المدارس و بالتالي إلى التوصيل و المصروف و أحيانا لا يجد مدارس حكومية تقبل أولاده فتزيد الطامة عليه و يصبح بحاجة إلى المدارس الأهلية . كذلك أيضاً أصبح بحاجة للرعاية الصحية الأولية و المتخصصة أحياناً أخرى هذا عدا عن الحالات الطبية الصعبة المكلفة ، و بالتالي أصبح بحاجة إلى رخصة القيادة و هذا يعني خطورة الوقوع في الحوادث و الحاجة للتأمين بكل أنواعه ..

إشكالات قانونية
ثم نأتي إلى الحاجة إلى المسكن الخاص و مشكلة رفض تأجيره لعدم وجود الإقامة و الدخول في متاهات التستر على المستأجر في حال وقوع المشاكل و مسؤولية القريب المتستر و إشكالات كثيرة قد تحدث لكليهما ..
كما نأتي إلى الحاجة للعمل ، و امتناع الشركات أو المؤسسات عن تشغيل غير حملة الإقامة و أيضاً الدخول في متاهات التستر على العمالة الوافدة ، ناهيك عن حوادث و إصابات العمل و الحاجة للتأمين و أحياناً لنوع خاص من الرخص للعاملين في مجال المطاعم و المشافي و الحلاقين و السائقين و غيرهم ..

الزيارة التجارية
ثم نأتي إلى صاحب الزيارة التجارية الذي أتى على مؤسسة أو شركة فأصبح عبئاً عليها و مسؤولية قانونية و أمنية تحتاج إلى من يتحملها . و ينطبق على حامل الزيارة التجارية كل ما ينطبق على أصحاب الزيارات العائلية من تحديات خصوصاً عندما يكونون بصحبة عائلاتهم ، إلا أن الوضع يزيد صعوبة في حال الزيارة التجارية فالجهة التي تستضيف الزائر غالباً هي جهة اعتبارية و ليس قريب و بالتالي لن يقبل الموظف المسؤول تجديد الزيارة التجارية على مسؤوليته الشخصية دون موافقة المدير و أيضاً المدير لن يستطيع تحمل المسؤولية القانونية لبقاء الزائر ، و هنا يجد الزائر نفسه مهدداً بالتسفير في أي لحظة أو أنه يختار الهروب من الشركة و يصبح في إطار المخالفين للقوانين ..

العمرة و الحج
أما من قدموا بغرض العمرة أو الحج و لم يستطيعوا العودة إلى بلدهم بسبب الدمار الذي لحق ببيوتهم فأوضاعهم أشد سوء و مرارة فليس لهم من يلتزم بمساعدتهم و نادراً ما يكون لهم معارف يعينونهم أو أصدقاء و هؤلاء أيضاً يعانون ما يعانيه أصحاب الزيارات العائلية أو التجارية إلا أن وجودهم في المملكة مخالف فهم لا يستطيعون التجديد و الاستفادة من القرارات الصادرة لتسهيل حياتهم في المملكة ..

اللجوءإلى الجالية
استلمت إدارة بوابة الجالية الإلكترونية خلال الشهور الماضية الكثير من الرسائل التي وجهها أصحابها إلى إدارة الجالية يطلبون حلاً لمثل هذه الأوضاع ، كان قد أطلعني عليها الأخوة في اللجان المختصة من أجل الاستشارة و البحث عن حلول ..
و القارئ لهذه الرسائل يجد بين السطور إحساساً بالتعاسة و المرارة و الإحباط و خيبة الأمل تماماً كما يلمس الألم من البقاء بدون عمل ، ليس بسبب عدم القدرة ، بل بسبب الخوف من مخالفة القوانين و التسبب بالترحيل . هذا عدا عن تلك الرسائل التي تفوح منها رائحة المشاكل و ضجر الناس من بعضهم البعض في البيوت الصغيرة التي يسكنوها إضافة إلى المرض و الحاجة للدواء الباهظ الثمن و العلاجات الطبية المكلفة التي تحتاج التنويم في المشافي في بعض الأحيان ، إضافة إلى الرسائل التي تستجدي الحلول بسبب ضيق الحال و نفاذ صبر المضيفين على أقربائهم ..

في الخلاصة أوضاع هؤلاء السوريين توجع القلب و تنذر بتصرفات عند البعض غير مضمونة العواقب بسبب ضيق ذات اليد .. و أكثر الرسائل إيلاماً تلك التي ترسلها الأم المريضة التي تحتاج إلى العلاج الغالي تقول في النهاية أنا لست مهمة ، إنما المهم تأمين الدراسة لابنتي ، أرجوكم أمنوا لها قبولاً في إحدى مدارس الحكومة القريبة ، فنحن لا نملك المال الكافي للمدارس الخاصة ..

وزارة الداخلية
هذا في جانب السوريين أما في جانب الوزارة فلديها من المسؤوليات الكثير و أهمها تلك الأمنية التي قد يزيد بعض السوريون و أقول البعض و ليس الكل من وطأتها إن لم نجد لها جميعنا ترتيباً حكيماً . فالأجهزة الأمنية لديها من هموم مكافحة عصابات المخدرات و الدعارة و التشليح و السرقة و التزوير و التسول و الاحتيال الشيء الكثير ، و فوق ذلك كله ما قد يخطط له شبيحة الأسد و أعوانهم من أذناب إيران داخل البلاد من أعمال تخل بالأمن و بمصلحة المواطنين و المقيمين سواء بسواء .. كل هذا بحاجة إلى مراقبة و تدقيق لألّا يؤخذ الصالح بجريرة الطالح و ألا يعامل الطيبون معاملة المجرمين ..

طرق الحل المتوقعة
و لذلك كان لا بد من الاطلاع على أوضاع حملة تأشيرات الزيارة و العمرة و الحج داخل المملكة بدقة من خلال بوابة الجالية الإلكترونية ، ليتم تحديد الحالات الأشد احتياجاً من تلك الأقل أو التي قد لا تحتاج ، أو الحالات التي يمكن تعديل وضعها بسهولة و هي مشمولة في الإجراءات ، من تلك التي تحتاج إلى استصدار قانون و وضع إجراءات جديدة مناسبة لها ، إضافة إلى معرفة الأعداد بحسب الحالة و مدى تأثيرها على أنظمة المملكة في حال تطلب الأمر استثناءً أو تعديلاً لإجراءات موجودة ، فلن يقبل المسؤولون بأي حال اتخاذ القرارات بدون توفير كافة المعلومات اللازمة .
فعلى سبيل المثال : الزوجة و الأولاد الزائرون يمكن تعديل وضعهم و منحهم الإقامة كمرافقين على إقامة الزوج الأب بسهولة ، أما العائلات التي تحتاج إلى المدارس و الرعاية و الصحية و رخصة القيادة و الدخل ، فهي بحاجة إلى معالجة خاصة لإيجاد حل لمشكلة الكفيل و اختياره و صلاحية سجلاته الرسمية في مكتب العمل و التأمينات ، و كذلك الحال بالنسبة للزيارات التجارية و ملابسات العلاقة بين الزائر و الشركة صاحبة الزيارة .. و معرفة عدد الحالات في كل شريحة من هذه الشرائح سيكون له الدور الأكبر في تحديد طبيعة الحل و آليته و مواصفاته ..

التنافس و عدم وجود التعاون
و لهذا فقد اكتسب هذه الموضوع أهمية لم تبلغها قضية أخرى هنا في المغترب و في الوقت الذي لم يكن هذا الأمر ذا بال في مقتبل الثورة لقلة الأعداد المحتاجة فقد أصبح اليوم من أهم القضايا التي قمت بالكتابة و الشرح عنها على كل منبر دعيت له ، و قد حاولت الإدارة التنفيذية للجالية بمختلف مكاتبها التواصل مع العديد من الروابط و التنسيقيات السورية في منطقة الخليج إضافة إلى المجلس الوطني و عدد كبير من العلماء و عرضوا المشكلة على الجميع و طلبوا تعاونهم ، إلا أنهم لم يجنوا إلا التعاطف من بعض العقلاء من غير ذوي الحل و الربط ..

و الملفت للانتباه كان ظهور حالة من التنافس الغريب بين عدد من علماء سورية في السعودية من خلال الضغط على موظفي مكتب الشيخ عبد الإله للحصول على إذن للمشاركة في لجنة تصحيح الأوضاع و بالتالي المشاركة في عملية جمع صور الجوازات و تنظيم القوائم بأسماء الراغبين بتصحيح أوضاعهم و ذلك بدون ضوابط أو معايير في التسجيل أو التصنيف أو الجمع ، مما يجعل عملية الفرز و التصنيف و المراجعة شبه مستحيلة أو ذات تكلفة باهظة و تحتاج إلى وقت طويل .. و مما أدى في النهاية إلى زيادة الشكوك في نجاح هذا المشروع و فتور عملية التسجيل و تقديم الطلبات و زيادة الإحباط عند الجميع ..

دعوة ولاة الأمر
لذلك و من هذا المنبر ألتمس باسم إدارة الجالية و أعضائها جميعهم من ولاة الأمر في بلد الله الحرام المملكة العربية السعودية و جميع بلدان الخليج العربي أيدهم الله و سدد خطاهم أن يتعاونوا معنا لإيجاد حل شاف لأوضاع أهلنا الذين ضاقت بهم الدنيا و حطت بهم الأقدار في فناء عروبة و إسلام أخوانهم في الخليج و هم أهل لكل خير ..

دعوة الأخوة السوريون
كما ندعو أخواننا السوريين أن يتعاونوا معنا و يتابعوا تسجيل بياناتهم لنستكمل ملف تصحيح الأوضاع و الكف عن الاستجابة للشائعات و تسليم صور جوازات السفر هنا و هناك ، لأن ذلك سيطيل فترة التسجيل ، و يؤخر عرض المشكلة للدراسة و إيجاد الحلول ، هذا إذا لم يدمر المشروع أصلاً لا سمح الله ، و بالتالي سيزيد معاناة أهلنا في هذه الغربة ليس فقط لوضعهم الصعب هذا بل لعدم تضافر الجهود و توحيدها لحل مشكلتهم ..

كلمة للمشككين
و لمن يشكك بإمكانية حدوث عملية التصحيح إما بسبب تغيير الوزير أو لاعتماده على تصريحات بعض المسؤولين التنفيذيين نقول : لقد اعتدنا في القضايا التي تأخذ الطابع العام و التي يخشى أن تتحول إلى ظواهر اجتماعية قد تتسبب في إرباك الأمن و هتك حرمة القوانين ، أن يعطيها المسؤولون في الحكومة الكثير من الاهتمام و الأولوية في الحل على غيرها من القضايا الخاصة ، استشعاراً منهم بالمسؤولية أمام الله و الحكومة و الوطن ، و لن تسمح لهم أخلاقياتهم و قيمهم المهنية من جهة و الدينية من جهة أخرى ، أن يتركوا هذه القضايا عرضة لتحكم الأشرار و المفسدين من الانتهازيين و المحتالين لتحويلها إلى مصادر للتكسب غير المشروع على حساب هؤلاء المساكين و المعوزين الذين لم يبق لهم بعد الله إلى ولاة الأمر و أهل الخير و الفضل .. لذا وجب علينا العمل جميعاً لمد يد العون و طرق كل الخيارات المتاحة للتخلص من هذه الضائقة و عدم فسح المجال لها لتصبح ظاهرة تقض مضاجع الجميع .. و الله الموفق ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق