في بداية الثورة كان يخرج علينا أبواق النظام و إعلامه المضلل يدّعون أن عدد المحتجين لا يزيد عن بضع عشرات هنا و بضع عشرات هناك ، و في أحسن الأحوال كانوا يعترفون ببضع مئات في بعض المدن الكبرى ، و بعد دخول الثورة أسبوعها العاشر وأصبح عدد الشهداء يزيد عن الألف و المفقودين أكثر من ذلك بكثير إضافة إلى المعتقلين الذين وصلوا إلى الأحد عشر ألفاً. أصبح لا بد من التساؤل ؟!!
ألا تتساءلون معي ؟! إذا كان المحتجون بضع عشرات هنا و هناك فلماذا لم تنتهي الاحتجاجات و قد أصبح أضعاف عددهم شهداء حتى الآن فما بالكم بالمفقودين و ما وصل إليه عدد المعتقلين ؟!
إذا كانوا قلة لا تذكر ، عشرة آلاف ، لا بل قل مائة ألف كما يدعي أبواق و إعلام النظام و أنهم في أماكن محدودة كدرعا و بانياس و اللاذقية و حمص ، فما بال دمشق و ريفها و ما بال حمص و ريفها و حوران المنتفضة عن بكرة أبيها و ما بال دير الزور و ريفها و الحسكة و ريفها و ريف حلب و ما بال حماة ، حتى بانياس المحاصرة و درعا قبلها التي ساموها قتلا و تدميرا خرجت منهما المظاهرات في جمعة الحرية الأكبر في تاريخ الثورة و لولا تقطيع أوصال المدن الكبرى بقوات الجيش و منع الإعلام العربي و العالمي من تغطية الأحداث لكانت تجمعت المظاهرات في مراكز المدن من كل حدب و صوب و كنا عرفنا التعداد الحقيقي للمتظاهرين الذي يريدون إسقاط النظام و لافتتضحت الجرائم التي قام بها حتى الآن.
و لو سلمنا جدلا بادعاءات الإعلام السوري بأن المتظاهرون قلة فلما الخوف من تجمعهم و تغطية مظاهراتهم ؟ و لما لا يخرج الجيش خارج المدن و تكف أجهزة الأمن عن الاعتداء عليهم و التنكيل بهم من قتل و خطف و اعتقال ؟
وبالرغم من كل الافتراءات و التهم الجاهزة التي وجهت للمتظاهرين التي تصفهم تارة بالمندسين عملاء الصهيوينة و أمريكا و تارة بالسلفيين الراغبين في إقامة الإمارات الإسلامية. و بالرغم من توريط الجيش و محاصرة المدن و قصفها بالمدفعية و تدمير ممتلكات الناس و قطع الاتصالات و الكهرباء و المؤن عنهم. و بالرغم من الإعلان عن القضاء على المخربين و المندسين و الإمارات السلفية. و بالرغم من إطلاق العصابات بكل ألوانها على الشعب الأعزل التي لم تترك من الجرائم شيئا إلا و اقترفته في حق المتظاهرين و أهليهم.
إلا أن ذلك كله لم يفتّ في عضد المتظاهرين و لم يثنهم عن الخروج ، كل ذلك و لم تزل المظاهرات قائمة على قدم و ساق جمعة فجمعة تتسع رقعتها و تزداد أعدادها و تقوى شكيمتها و تنجلي رؤيتها و تتوحد مطالبها في إسقاط النظام و محاكمة رؤوسه و أذنابه.
كل ذلك لم يخطف الأمل من صدور المنتفضين و لم يخلق الخوف في قلوبهم كل هذا الكم الهائل من الحقد و الأذى لم و لن يوقفهم. لا بل يزيدهم إصرارا على تحقيق مطالبهم و المضي في ثورتهم حتى اقتلاع هذا الفساد المستشري و الطغيان و الاستبداد بكل رؤوسه و تركيبته و أزلامه من الجذور.
لقد فشل النظام في إخماد الثورة فشلاً ذريعاً فها هي أجهزته تتخبط و قواته تفقد صبرها لا يعرف كيف يتعامل مع هؤلاء الأبطال الثائرين السلميين الذين تتزايد أعدادهم مع كل شهيد يسقط منهم قد أعجزته سلميتهم و أحبطه إقدامهم و بدأ يفقد اتزانه يوما بعد يوم أمام هذه التضحيات البطولية .
لقد وصلت الثورة إلى نقطة اللاعودة و دخلت مرحلة جديدة فرضت فيها إيقاعها الثائر على الحياة في سورية و هذه هي فرصتكم الأخيرة لتنفضوا عنكم غبار الخوف و الرعب و تجلوا وجه الإقدام و الشجاعة و تتزوقوا طعم الحرية الغراء التي لا عبودية فيها إلا للخالق جل جلاله.
لقد آن الأوان لوقوفكم بجانب الحق وقفة صارمة
آن الأوان لنصرة شعبكم الذي يطالب بحقوقه العادلة
لا تدعو للتخاذل طريقاً إلى نفوسكم ... آن الأوان لانضمامكم إلى الثورة المنتصرة
آن الأوان لتكونوا جزءاً من سورية المستقبل ... سورية الحرية و العدالة و الكرامة
سورية كل السوريين ... لا سورية الفرد أو الحزب الواحد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق