الأحد، 22 مايو 2011

مفاهيم بين الإصلاح و الحرب الأهلية

بدأت الاحتجاجات في سورية بمطالب تدعو للإصلاح ما لبثت بعد مواجهتها بعنف دموي أن تحولت إلى مطالب تدعو إلى التغيير ثم تحولت الأمور بازدياد وطأة الحل الأمني إلى ثورة سلمية امتدت على كامل التراب السوري و مع ازدياد الجرائم و سفك الدماء هل نصل إلى حرب أهلية ؟

لا بد للإجابة على ذلك من إيضاح بعض الأمور من خلال التساؤلات التالية:

ما الذي يجعل التغيير حاجة ماسة ؟

أمور كثيرة على رأسها الفساد الإداري و المالي و انعدام الرقابة على أجهزة الدولة ، و فساد القضاء ، و تسلط أجهزة الأمن على كل مفاصل الدولة و المجتمع  و الإمعان في إذلال المواطنين ، و انعدام الحياة السياسية بسبب سيطرة الحزب الواحد و منع وجود الأحزاب المعارضة ، و قمع الحريات ، و انتشار الفقر و البطالة و ازديادها سنة بعد سنة، و ضعف مستوى التعليم والخدمات الصحية المقدمة للشعب ، و ازدياد الهجرة و النزوح إلى الخارج ، و التخلص من دعاة الإصلاح و مؤيديه.

لماذا التغيير و ليس الإصلاح ؟

عندما يتمكن الفساد من الدول و المجتمعات يصبح قادرا على تعطيل العمليات الإصلاحية أو توجيهها بالاتجاه الذي يناسبه مهما كانت السلطة التي تدعمها أو تقف وراءها فيفقد الإصلاح تأثيره و يتحول إلى شكل جديد من أشكال الفساد

لماذا تحقيق التغيير عبر الثورة ؟

لأن الفساد لن يسمح بأن عملية تؤدي إلى إزاحته من التسلط على الموارد و المقدرات الخاصة بالشعب كله و التحكم بها و إن سمح ظاهراً بدعوى الحوار أو وضع الخطط أو الوصول إلى تفاهمات من نوع معين فذلك للالتفاف على دعاة و مؤيدي التغيير ثم التخلص منهم شيئا فشيئا و من خططهم من أجل التغيير

ماذا الذي يدفع إلى إخراج ثورة ناجحة ؟

تهميش السلطات التشريعية و إضعاف السلطات القضائية
الاستبداد و سيطرة الفكر الأمني على الحياة إلى الهيمنة على الفكر نفسه
امتداد الظلم و قمع للحريات و انتهاك الحرمات و الاعتقالات
انتشار الفساد الإداري و المالي و الاقتصادي من الرشوة إلى سرقة موارد الدولة
تأخر النمو و زيادة البطالة و الفقر و ضعف الخدمات الصحية و تخلف التعليم

ماذا يلزم الثورة لتنتصر ؟

تزايد عدد المؤمنين بالتغيير الذين لن يتراجعوا عن تحقيقه
وجود عدد من المفكرين و الكتاب و الإعلاميين المستقلين الذين ينادون بالتغيير
توفر وسائل اتصال في متناول الأيدي
وجود إعلام حر مستقل ينقل الحقيقة
صياغة أهداف واضحة و صريحة متفق عليها تحقق مصالح كل أطياف الشعب بدون استثناء و بشكل عادل
تشكيل قيادة جريئة ملتزمة صادقة تمثل الشعب كله بدون تمييز
وضع خطة تغيير واقعية منسجمة مع إمكانات الوطن و مقدراته

ما الذي يؤجج الثورة و يزيد في اشتعالها ؟

التعامل معها أمنياً بالضرب و القمع و الاعتقالات
غياب الخطاب السياسي و التغافل عن مطالبها
ازدراء المتظاهرين و صم الآذان عنهم
كيل و تلفيق التهم للمطالبين بالتغيير بدلا من التفاوض معهم

ما الذي يحول الثورة السلمية إلى حرب أهلية ؟

مواجهتها بالقتل المباشر و الاغتيالات و الاعتقالات العشوائية و التعذيب و التنكيل بالمتظاهرين و تدمير الممتلكات الخاصة بالمواطنين
سيادة الخطاب التخويني لطلاب التغيير و ربطهم بمؤامرات خارجية
إشعال الفتن الفئوية الطائفية أو المذهبية  

كيفية تتجنب الثورة الحرب الأهلية ؟

وجود الوعي الكامل بمصالح الشعب من قبل قيادة الثورة
توفر الوعي السياسي في حده الأدنى عند طلاب التغيير
التعامل مع الحلول الأمنية بطرق سلمية قدر المستطاع و عدم الرد بالمثل
وجود قيادات من كل أطياف المجتمع تساهم في إفشال الفتن الطائفية أو المذهبية أو ايا كانت في بدايتها و عدم التغاضي عنها أو الامتناع عن التعامل معها
الابتعاد عن الشعارات التي لا تصب في مصلحة الثورة أو تسيء لها بشكل أو بآخر
توثيق الأحداث بدقة و موضوعية و نشرها في كل المواقع العربية و الدولية
التواصل مع المنظمات العالمية لحقوق الإنسان و اطلاعها على الأحداث
الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ مواقف تهدد السلطات من التغول في الحلول الأمنية
الابتعاد عن التجييش العاطفي و عدم الاستسلام لدوافع الانتقام
الصبر على الأذى

كيف يتجنب النظام الحرب الأهلية ؟

الانقلاب على نفسه و ذلك من خلال انقلاب الوطنيين على الفاسدين و إزاحتهم من السلطة و القيام بأعمال التغيير التي تحقق معظم أهداف الثورة إن لم تكن كلها
التعاون مع دعاة التغيير من كل أطياف الشعب لوضع جدول زمني واضح و صريح للقيام بالتغيير

لكن ما هي أهداف الثورة المتفق عليها و الكيفية المناسبة لتحقيقها ؟
إن شاء الله في المقالة القادمة


by جميل داغستاني on Sunday, May 22, 2011 at 5:26pm

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق