لا زال حتى اليوم و بعد كل هذه التضحيات التي قدمها و يقدمها الشعب السوري المنتفض على الظلم و الفساد يأتي من يقول: كل يوم مظاهرات و ماذا بعد ؟
ماذا بعد ؟ الواضح أن وعي الشعب و مقاومته ضد القمع و الوحشية تزداد يوما بعد يوم و كذلك عدد الذين يخرجون في المظاهرات أيضاً يزداد عددهم يوما بعد يوم بالرغم من زيادة عدد القتلى و المعتقلين و من الواضح أيضاً أن هناك مدنا جديدة تدخل خارطة التظاهرات حتى الذين تستروا على النظام لم يعودوا قادرين على تجاهل ما يحدث في سورية ، و بعد أن خرجت التصريحات الأمريكية التي تقول للاسد إما أن تقوم بالإصلاح أو تتنحى عن السلطة ثم ألحقتها بلائحة عقوباتها ، و ها هو أيضا الموقف الأوروبي يظهر بلائحة عقوباته على النظام السوري.
ماذا بعد ؟ بدأت الليرة السورية بالتدهور و بدأ حلفاء سورية ( إيران تبيع نفطها باليرة السورية ) يشاركون في دفع تكلفة هذه الثورة التي لا يتوقع إيقافها قريباً، كما بدأ التجار أيضاً يصرخون و بدأت بعض المصانع بعملية تخفيض موظفيها. و كاد الاقتصاد السوري يصل إلى مرحلة الشلل.
ماذا بعد ؟ أصبحنا نسمع هنا و هناك انشقاقات في صفوف الجيش و اشتباكات مع قوات الأمن و الفرقة الرابعة و لا تقدم السلطة ما ينفي هذه الأخبار سوى بعض التمثيليات الغبية و المداخلات الديماغوجية من أبواق النظام عن وجود عصابات و مؤامرات.
ماذا بعد ؟ كل يوم يمر تظهر صورا و فيديوهات جديدة على النت و على الفضائيات موثقة بشكل جيد غير قابلة للطعن في مصداقيتها تفضح جرائم النظام و عمليات القتل الممنهج التي تقوم بها قوات الأمن و التي تدفع مؤيدي النظام للتخلي عنه و الانضمام للثورة على المستوى الداخلي و الخارجي و على المستوى الفردي و المؤسسات الحقوقية و حتى الجهات الحكومية الرسمية الدولية.
ماذا بعد ؟ بدأت الشعوب العربية تحت وطأة الجرائم التي تنشر في الإعلام العربي و العالمي تضغط على أنظمتها و تتهمها بالتواطئ و هذا ما لن يستمر طويلاً. حتى الإعلام السوري الفاشل الذي يحاول التستر على جرائم النظام و تلفيق التهم للمتظاهرين بدأ بالوقوع في أخطاء قاتلة عرته عن المصداقية و كشفته أمام جماهير الشعب المؤيدة للنظام.
ماذا بعد ؟ أخذت المعارضة في الداخل و الخارج تصيغ مطالبها و تتقارب في أهدافها و تتفق على طريقة تحقيقها و خلال الأيام القادمة سيكون المؤمر الأول في إنطاليا في تركيا و الذي بانعقاده سيكون قد بدأ العد العكسي للنظام السوري في السلطة.
و إذا فقد الإعلام الرسمي مصداقيته و فقد الجيش دوره الوطني في حماية الوطن و أصبح أداة في يد النظام تسلطه على معارضيها و أصبحت أجهزة الأمن عصابات تقتل و تنهب و تدمر ممتلكات المواطنين و تعتدي عليهم ، ناهيك عن الازدياد المضطرد لأعداد المتظاهرين و وعيهم السياسي ، فهذا هو سقوط النظام الفعلي و فقدانه لشرعيته، و اما الوجود على الأرض بقوة السلاح فهي مسألة وقت لن يحتملها النظام طويلاً حتى تبدأ الانشقاقات و الانقسامات و تظهر الولاءات الجانبية المبنية على المصالح وقد بدأت علائمها تلوح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق