الولاء للوطن أم للدين ..
فالولاء أخلاق تبنى في مجتمعاتنا على الدين .. و العرف يؤكد ذلك في مجتمعنا بحسب المقولة الشهيرة "من هان عليه عرضه هان عليه وطنه" فالعرض الذي هو مفهوم ديني يرتبط بالمعتقد و يضبطه العرف و هو وجه رئيسي للوطنية ..
لذلك فإن الدين هو ضمانة للوطنية و ليس تهديداً لها .. و ما من دولة حاربت الدين في مجتمعات تبنى أخلاقها و قيمها على الدين إلا سقطت في الفساد و تحولت حكومتها إلى عصابات تسيطر عليها و أصبحت فيها الوطنية تقاس بالولاء للأشخاص ..
و في ظل الدول المدنية التي تقوم المواطنة فيها على احترام الدستور و القوانين و ليس على الولاء للزعماء و الأشخاص فإن الولاء فيها للأعراق أو القوميات أو المذاهب أو الطوائف أو القبائل يغدو ضعيفاً و يستمر حتى يتلاشى ..
في حين يلجأ الناس في الدول الاستبدادية حيث الحكومة فيها فوق القانون إلى الاحتماء بالعرق أو القبيلة أو الطائفة أو المذهب أو الحزب و يجعل الولاء لأي واحدة منها ، هذه الولاءات تكون عرضة للتغيير بحسب تغير موازين القوى التي تحكم المجتمعات و الناس لا يغيرون ولاءاتهم تبعاً لتغير الظروف إلا خوفاً على مصالحهم و أمنهم و سلامتهم ..
فمن كان من دعاة الولاء للوطن قبل أي شيئ آخر فعليه أن يدعو لدولة القانون الذي يعلو و لا يعلى عليه و الذي يكون فيه الزعماء السياسيون خادمون له و ليس هو خادمهم ، كما أن عليه ألا يقحم الدين في صراع مع الدساتير و القوانين بل يعتبره موجهاً و دليلاً لضمان عدالتها من حيث كونه مصدراً للقيم و الأخلاق ..
فالالتزام أو الولاء في صوره الإيجابية لا يتأتى إلى بالتربية السليمة المنضبطة بالقيم و الأخلاق و التي هي في مجتمعاتنا مصدرها الدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق