الأربعاء ليلة الخميس
صحيح أنه فاتتني المشاركة في أنشطة اللجان المشكلة لدعم الثورة بسبب مرضي إلا أنني تداركت ذلك في سهرة يوم الافتتاح الأربعاء التي امتدت إلى فجر يوم الخميس بعد أن استعدت عافيتي و قوتي.
كانت سهرة جميلة بالرغم من طولها قضيتها على شرفات الفندق و في استراحته مع عدد من الناشطين المميزين أمثال الأستاذ منذر زملكاني و السيد واصل الشمالي و الدكتور شادي كسكين و عدد من شباب ائتلاف الثورة لم أحفظ أسماءهم ، تبادلنا الأحاديث حول أسباب الوقوف مع الثورة و معارضة النظام و حول الجرائم و التعذيب و عدم القدرة على الصمت حيالها و حول أسباب النزوح من سورية إلى الخارج و قد روى كل واحد قصته و معاناته مع النظام و أجهزة الأمن.
اطلعت من خلالهم على ما فاتني في أنشطة اللجان من اقتراح أفكار جديدة و دراستها و مناقشتها و الخلوص إلى بعض من التوصيات النهائية التي ستعرض أمام لجنة المؤتمر في يومه الثاني في الجلسة الصباحية.
كان أهم ما توصلت إليه اللجان مايلي:
- لجنة الشهداء و الحقوقيين و ما دار حول الجهود المبذولة لتوثيق ملفات المفقودين و المعتقلين و جرائم القتل و التعذيب الممنهج و إحالتها إلى مجلس الأمن و المحكمة الجنائية الدولية و العمل على استصدار أحكام توقيف بحق الرئيس الأسد و ضباط الأمن و الفرقة الرابعة و كل من يثبت تورطه في هذه الجرائم.
- و توصيات لجنة إغاثة الثورة في إيجاد القنوات الآمنة لإيصال المال إلى أسر الشهداء و الفقراء و المحتاجين.
- و لجنة الإعلام و التوعية التي كان عدد من أعضائها قد بدأ فعلاً بالإعداد إلى قناة فضائية ملتزمة تماماً بالثورة السورية و دعمها إضافة إلى عدد من الخطط لتوثيق أحداث الثورة على الانترنت و إتاحتها أمام الإعلام العربي و العالمي ، و التي ستغطي ابتداءً من الأحداث على الأرض إلى الرد على الإعلام السوري و كشف زيفه و تضليله للمواطنين السوريين إلى التوعية السياسية للثوار و من يقف مع الثورة في الداخل و الخارج.
- إضافة إلى لجنة تنظيم و تنسيق التظاهرات و الاعتصامات في الخارج أمام السفارات السورية و مؤسسات المجتمع المدني التي يمكنها أن تشكل ضغطاً على حكوماتها إضافة إلى برلمانات الدول الأجنبية و غير ذلك مما قد يسرع في عملية اتخاذ قرارات صارمة بحق النظام السوري.
كما أطلعني الدكتور شادي على برنامج اليوم التالي الذي سيبدأ بمناقشة توصيات اللجان ثم بمقترحات البيان الختامي للمؤتمر ثم إعلان البيان الختامي ثم انتخاب الهيئة الاستشارية.
و أخبرني أن منظمو المؤتمر قد ارتأوا تحديد عدد أعضاء الهيئة الاستشارية بواحد و ثلاثين عضو لاستيعاب جميع الأطراف المشاركة ، كما وجدوا أن الوقت لن يسمح لهم في اعتماد نظام انتخابي مبني على الترشيح الفردي للأعضاء و لا حتى على ترشيح المجموعات و كان لا بد من الاعتماد على نظام ترشيح القوائم و التصويت عليها و اختيار القائمة التي تحوز على أكبر عدد من الأصوات ، ثم تقوم الهيئة الاستشارية باختيار مكتب سياسي تنفيذي مؤلف من تسع إلى أحد عشر عضواً للقيام بتنفيذ توصيات الهيئة و توجيهاتها.
و قد شاعت عدة أخبار في وسط المشاركين عن وجود قائمة معدة مسبقاً تضم ممثلين عن جميع الأحزاب المعارضة و عدد من المستقلين إلا أنني لم أجد من يخبرني عنها شيئاً ، و حتى عن سؤالي فيما إذا كان هناك قائمة منافسة أخرى لم أجد من بادر إلى تأليف مثل هذه القائمة المنافسة بعد.
كما كان هناك نقاش دائر بين الجميع حول اعتبار المشاركين هم أعضاء مؤسسين للمؤتمر و جعل المؤتمر مفتوحاً على من يحب الانضمام إليه من الخارج ، خصوصاً مع زميلي في الغرفة السيد ع.ع الذي عرفته في حمص منذ أكثر من خمسة عشر عاماً معرفة سطحية لم أستطع تذكره أبداً حين تقابلنا للمرة الأولى كان شخصاً حساساً قد ألهبه الحماس للثورة و نالت جرائم القتل و التعذيب من هدوئه خصوصاً قتل الأطفال و تعذيبهم كحمزة الخطيب الذي لم يفتأ يذكره دائماً ، و الذي كان يفضل هذا الاقتراح المذكور أعلاه. و قد أخبرني أنه تحدث إلى ملهم الدروبي ممثل الأخوان المسلمين في المؤتمر حول هذا الاقتراح و أن ملهم قد وعده بدعمه أمام اللجنة ، و في الحقيقة كنت أرى أنه اقتراح جيد يلبي احتياجات المرحلة القادمة.
أضواء على الأحداث:
- لم تتوقف كاميرات الإعلام عن إجراء المقابلات و التصوير طيلة الوقت.
- كان هناك استياء عام عند المشاركين الذين وصل إليهم خبر وجود قائمة معدة مسبقاً لكن لم يتأكد أبدا ذلك من أي طريق. إلا أنهم اعتبروا ذلك عمل انتهازي لعدم إعطاء الفرصة بشكل متساو للجميع لتشكيل القوائم الانتخابية المناسبة خصوصاً وأن عدد الأعضاء المكون للقائمة كان كبيراً على أشخاص كانوا قد تعرفوا على بعضهم لأول مرة وليس أمامهم إلى يومين لدخول الانتخابات.
- كان هناك مقترحات كثيرة لصياغة البيان الختامي تحتاج إلى وقت أكبر لمناقشتها.
- كان من غير المقبول إعلان البيان الختامي قبل تحديد الهيئة الاستشارية و انتخابها.
- بالإجمال كان الجميع مستمتعاً بتلك الأجواء الإيجابية الجديدة التي سادها الإحساس بالتنافس على طرح الأفكار الأفضل و التعاون و التعاضد فيما بين المشاركين و الحرية في التعبير و إبداء الرأي.
- بدأ يظهر وعي جديد عند معظم المشاركين حول التركيز على إسقاط النظام و ضرورة إنجاح المؤتمر و عدم تعمد وضع العوائق في طريقه بل التنازل عن كل ما قد يشكل خطراً على نجاح المؤتمر خصوصاً بعد التصريحات المتتالية على لسان الناطقين الإعلاميين الرسميين السوريين حول اتهامهم للمشاركين بالعمالة لأمريكا و إسرائيل.
و مع بزوغ فجر الخميس و ارتفاع آذان الصبح انتهت سهرتنا و مضيت إلى غرفتي للصلاة و الاستعداد لليوم الثاني
ترقبوا الجزء الرابع ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق