الجمعة، 3 يونيو 2011

الجزء الأول : مؤتمر أنطاليا من 1 إلى 2 / 6 / 2011

الثلاثاء قبل انطلاق المؤتمر:

لقد وصلت إلى أنطاليا في منتصف اليوم الذي سبق المؤتمر بعد رحلة طويلة. و تفاجأت بعدد كبير من رجال الأمن التركي و عدد من السوريين على مدخل صالة المغادرة في المطار الداخلي.
سألني أحدهم إذا كنت قادماً للمشاركة في المؤتمر لأنضم إليهم فالشبيحة قد هاجموهم منذ أقل من ساعة ، كان عدد الذين التقتيهم يقارب العشرين شخصاً من أعمار مختلفة ، ما إن بدأنا التعارف حتى وصل النائب السابق مأمون الحمصي معه شخص آخر و كا ن يبدو عليهم القلق مما علموه من محاولة للاعتداء على الضيوف و حفاظاً على أمن المشاركين طلب الأمن التركي التوجه إلى مقر المؤتمر في حافلة واحدة ترافقها دورية شرطة لتأمين الحماية اللازمة.

و كان لتوه قد وصل الكثير من مصوري القنوات الفضائية و التلفزيونية و المراسليين الإعلاميين الذين بدأوا بتسليط كاميراتهم علينا لتصوير حتى أنفاسنا إلى أن صعدنا الحافلة ، إلا أن الجزيرة كانت هي الأولى و التي صورت أحداث الاعتداء على ضيوف المؤتمر قبل وصولي كما تناهى إلى مسامعي.

وصلنا إلى فندق أوزكامايكا فاليس على شواطئ المتوسط لأفاجأ بوصول عدد كبير من المشاركين الذين ازدحموا في برهة الاستقبال ينتظرون الحصول على غرفهم. قال أحد المنسقين أن عدد القادمين وصل إلى ضعف العدد المتوقع لحضور المؤتمر و هذا ما سبب إرباكاً في إيجاد متسع لهم.

استقبلني الدكتور حمدي أبو الشامات ذلك الشخص الرائع الذي اصطحبني بجولة في الفندق ريثما يحين دوري لاستلام الغرفة و قام بتقديمي لعدد من المشاركين في المؤتمر و تعريفي على أقسام الفندق و مرافقه إلى أن حان الوقت.

بعد أن انتهيت من تفريغ حقائبي ارتحت قليلا ثم توجهت إلى الحديقة الخارجية حيث لقاء المشاركين ، و قد التقيت هناك الكثيرين ممن اشتهروا على القنوات الفضائية مؤخرا و كان لي وقفة قصيرة مع الدكتور رضوان زيادة - الذي ألتقيه لأول مرة بعد محادثة تلفونية أول شهر مايو من أجل الحلقة التي كنت ضيفا فيها على قناة المجد الفضائية في برنامج ساعة حوار مع الدكتور فهد السنيدي - و وقفة قصيرة أخرى مع الشيخ عبد الإله طراد الملحم إضافة إلى بعض الأصدقاء الذين لم أرهم منذ خمسة عشر عاماً مضت بعد أن بدأنا رحلة التشرد و قد كانت الأجواء حميمية لم أعشها من قبل أبداً مع أناس أكاد أراهم لأول مرة في حياتي ، قد اختلطت مشاعر الحرية و الانتماء و مناصرة الثورة و لقاء أبناء الوطن في الغربة و الشوق للعودة. تناولت وجبة العشاء مع السيدة لما الأتاسي و الأخ أسعد عبد الدايم و الدكتور حمدي عثمان و السيد مأمون البني و عددا من الأخوة من حماة و حلب ، دارت بيننا نقاشات و أحاديث اتسمت بالصراحة و الوضوح لم يكن أحد يخاف من الآخر أو يشك به ، كما شرحت لنا السيدة لمى الأتاسي كيف اتهمها الإعلام السوري بالتصهين بسبب وقوف إثنين من اليهود الإسرائيليين إلى جانبها في مظاهرة باريس أما السفارة السورية التي شاركت بها و خلال حديثها معهم و سؤالها لهم عن سبب دعمهم لهذه المظاهرة التي لا تعني إلا السوريين التقطت وسائل الإعلام الصور لهم و تم نشرها و التشهير بها.

كان أهم ما ميز هذا المؤتمر ذلك الفندق باستراحته الداخلية الكبيرة إضافة إلى الانترنت و البوفيه الذي يمتد عمله حتى الرابعة صباحاً و تلك الشرفات العريضة الواسعة و الحدائق الخضراء و المطاعمه المريحة التي ضمت كل تجمعات المشاركين و حلقاتهم  و أمنت لهم جوا مريحا للتعارف و النقاش.

و ما هي إلا دقائق حتى حضرت وسائل الإعلام و تجمع المشاركون و وزعت أعلام الاستقلال و بدأت الهتافات بإسقاط النظام و إعلان الوقوف إلى جانب الثورة في الداخل و المطالبة بمحاكمة بشار الأسد و باقي المجرمين ممن يقتلون أهلنا في سورية.

ثم تداعى شباب الثورة إلى اجتماع لبحث وسائل دعم الثورة في الداخل و عرض المقترحات و تشكيل فرق العمل المختلفة الاختصاصات ، و تبادل العناوين للتواصل.
استهل اللقاء الشاعر أديب اسماعيل بقصيدة قصيرة أهداها إلى الطفل الشهيد حمزة الخطيب.
كان من الجميل قدوم هؤلاء الشباب من كل بلاد الدنيا إلى أنطاليا ليقدموا أي شيء يمكن أن يساهم في نصرة شباب الداخل كان يوجد عدد منهم أتوا من سورية ممن اعتقلوا و نالهم قسط من التعذيب على أيدي رجال الأمن. الكل شارك و الكل تكلم و الكل اقترح ، و الدافع الذي حركهم كان انقاذ الوطن.
و قبل نهاية اللقاء انضم إلينا الدكتور عبد الرزاق عيد و المهندس ملهم الدروبي و السيد غسان عبود و السيدة سيما عبد ربه و السيدة خولة يوسف و عدد من الوجوه المعروفة ، و قد لفت السيد غسان انتباهنا إلى وجود بعض المندسين في الفندق ممن قدموا للتجسس على المؤتمر و المشاركين فيه و أن على الشباب أخذ الحيطة و الحذر منهم ، كما أعرب ملهم الدروبي عن إعجابه بهذا الاجتماع و وصفه بأنه الأفضل و الأكثر تنظيماً بين الاجتماعات الجارية في أروقة الفندق و التي مر عليها كلها و أنه الوحيد الذي يعطي الثورة كل مجهوده و أفكاره و وعد أنه سيدعم قائمة الشباب باعتباره ممثل الإخوان المسلمين في المؤتمر.

كان وقتاً ممتعاً رجعنا بعده إلى غرفنا متعبين نطلب الراحة للاستعداد لبدء المؤتمر في اليوم التالي ، غير أنني عانيت كثيراً ليلتها بسبب نوبة رمل أصابت كليتي اليمنى حرمتني النوم و لم أرد أن أزعج أحداً و آليت على نفسي الصبر حتى الصباح لطلب المساعدة كانت ليلة قاسية طويلة أستهلكت قواي حتى آخرها.

أضواء على المشاركين في المؤتمر:
  • وصل عدد المشاركين إلى ما يزيد عن الثلاثمائة مشارك يمثلون معظم الأحزاب المعارضة في الخارج إضافة إلى الناشطين السياسيين المستقلين الذين لم تتجاوز نسبتهم الربع.
  • حضر أكثر من مائة ناشط و معارض سياسي زيادة عن المتوقع.
  • كل الناشطين و المعارضين كانوا من الشخصيات الناجحة و المتفوقة ، منهم الأطباء و المهندسون و الصحافيون و رجال الأعمال و الحقوقيون و أساتذة الجامعات و البعثيون و السياسيون  و الوزراء السابقون من خيرة رجال سورية و شرفائها.
  • حركتهم ضمائرهم من هول الجرائم التي ترتكب بحق المواطنين السوريين و دفعهم إحساسهم بالواجب تجاه سورية إلى المجيء و قبول المخاطرة في كشف أنفسهم أمام الإعلام.
  • عدد كبير منهم كانوا لا زالوا يزورون سورية في إجازاتهم ضحوا بهذه الميزة لعدم تحملهم ما يجري في سورية بحق المتظاهرين العزل و قرروا الانضمام إلى الثورة.
  • عدد كبير من المشاركين قد استعداهم النظام لأتفه الأسباب فمنهم من سرق النظام تجارته أو شركته أو مصنعه و منهم من زج به في السجون ظلماً و عدواناً بتهم عجيبة لم يسبق لها مثيل في الدول المتحضرة التي تحترم الإنسان و كرامته و حريته في التعبير، و منهم من فصل من وظيفته لأسباب غير معروفة ، و منهم من منع من الدخول في مناقصات عامة ، و منهم من أجبر على شراكة أقرباء الرئيس أو ضباط أمنه ، و منهم من أعتدي عليه و على أهله لمجرد إهانته و إذلاله و منعه من انتقادهم أو معارضتهم ، و منهم من ألقيت عليهم التهم جزافاً بالانتماء إلى أحزاب ممنوعة أو محظورة ، و منهم من فر هارباً لاعتقال قريب له أو صديق و تهديده إذا لم يوقع على إدانتهم. و قصص يندى لها الجبين.
  • إضافة إلى إجماع الكل على رفض طريقة التعامل التي يقوم بها النظام مع شعبه بتزوير الانتخابات و تعيين النواب و سرقة أموال الدولة و استباحة موارد البلد و تسخيرها لأسرة الرئيس و أعوانه و تأخر التنمية و تراجع التطوير و التعليم و الصحة و انتشار البطالة و الفساد و الرشوة.
أضواء على الأحداث:
أتى تصريح الأمين القطري المساعد لحزب البعث في سورية عن عدم موافقة الحزب على إلغاء المادة 8 من الدستور "القاضية برئاسة حزب البعث للدولة و المجتمع" الذي أعلن عنه في هذا اليوم تأكيداً على مراوغة الرئيس بشار الأسد و معاونيه في سعيهم لحل الأزمة و دليلاً قوياً على محاولة الإلتفاف على مطالب الشعب في تحقيق الحرية و الكرامة و التخلص من الدولة الاستبدادية.
كما أتى التهجم و الاعتداء  على المشاركين في المؤتمر عند بوابة مطار أنطاليا و اتهام الإعلام السوري لهم بالعمالة لإسرائيل و أمريكا دليلاً آخر على رفض أي شكل من أشكال المعارضة سواء في الداخل أو في الخارج و أن الدعوة للحوار ما هي إلا مناورة أخرى لكسب الرأي العام العالمي.
ترقبوا الجزء الثاني غداً ..


by جميل داغستاني on Sunday, June 5, 2011 at 2:31am

الاثنين، 30 مايو 2011

حتى الرمزية استغلوها ...

هناك فصة قصيرة بدأ تداولها على الانترنت
تحت عنوان الحمار
كتبت بطريقة رمزية بشيء من الطرافة أو الظرافة لكن المراد منها كان مؤذ .. أسردها باختصار ثم أعلق عليها:
القصة:
حمار يدخل إحدى المزارع و يبدأ بأكل الزرع
فلا يجد مالك المزرعة طريقة لإخراجه إلا التظاهر و الهتاف ضده و رفع اليافطات التي يكتب عليها عبارات الشجب و الرفض و الإسقاط و الرحيل .. ثم ستدعي جيرانه فيساعدوه بنفس الطريقة .. ثم يحاولون التفاوض معه للخروج ثم بعد ذلك على اقتسام المزرعة و تبوء جهودهم بالفشل جميعها .. فيبدأوا التفكير بالرحيل عن المنطقة و إنشاء مزرعة في مكان آخر ..
ثم يخرج طفل يضرب الحمار بعصا صغيرة قيخرج الحمار من المزرعة و يحل المشكلة .. و بدلاً من مكافأته .. يشعر أهل القرية بالإهانة لذكائهم بما فعله الطفل قيقتلوه و يجعلوا منه شهيدا ثم يعيدون الحمار إلى المزرعة ..
هذا هو باختصار عرض لهذه القصة الدنيئة ..
التعليق:
إن تعامل الناس في القصة مع مشكلة وجود الحمار في المزرعة لإخراجه تدل على بساطتهم و سذاجتهم و عدم إدراكهم للواقع و كيفية التعامل معه .. في حين أن فهم الولد للطريقة المناسبة في حل المشكلة تدل على الفهم الصحيح للواقع .. حتى هذه المرحلة من القصة كانت الرمزية تعمل بشكل جيد لإيصال المعنى ..
لكن التناقض الذي حدث في رواية القصة هو أن هؤلاء الناس بدلا من أن يجعلوا الولد بطلاً و هو الشيء الطبيعي الذي يتناسب مع تركيبتهم في القصة .. فجأة يصبح لهم إدارك حقيقي للواقع يكتشفوا من خلاله أنهم أغبياء و أن الولد أهان ذكاءهم أمام الآخرين و يتصرفوا تجاهه بطريقة غاية في التعقيد و الخبث الذي يتناقض تماما مع طبيعتهم المفترضة و يقرروا ليس فقط التخلص منه بقتله بل بجعله شهيدا أيضاً ..
و هذا قفز على الرمزية و استغلالها بشكل مهين لعقل القارئ .. فالهدف من الرمزية هو التبسيط للوصول إلى نتائج منطقية لفهم الواقع يتقبلها القارئ بدون دليل على سبيل الحكمة أو النصيحة .. و ليس الهدف منها التضليل للوصول إلى نتائج مرغوبة .. و إلا لتحولت الرمزية إلى السرد الواقعي و لكان لزاما عندها على الكاتب توفير المرجع أو الدليل على أحداث قصته في غياب المنطقية أو الموضوعية ..


by جميل داغستاني on Monday, May 30, 2011 at 7:49pm

الأحد، 29 مايو 2011

الثورة السورية و المواقف الدولية و الرهان على المنتصر ...

بعد مرور خمسة و سبعون يوماً على اندلاع الاحتجاجات في سورية و اتساع رقعتها حتى شملت كامل المدن السورية و قراها تقريباً.

يأتي السؤال التالي:
أين المجتمع الدولي مما يحدث في سورية ؟

فبالرغم من كل هذا الكم الهائل من المجازر و الجرائم التي لم تعد تخفى على أحد في الداخل أو في الخارج ، لا زالت العديد من الدول الإسلامية و العربية و الأجنبية و منظمة المؤتمر الإسلامي و الجامعة العربية تراهن على بقاء النظام السوري الحالي و قدرته على إخماد الانتفاضة الواسعة في المجتمع السوري.

و بالرغم من محاولة الأنظمة الغربية و العربية التستر على النظام السوري كل هذه الفترة حفاظا على مصالحها و تحالفاتها ، إلا أن الشعوب و المنظمات الحقوقية الغربية قد تحركت بعد حصولها على أدلة كافية تدين النظام السوري - في قتل و تعذيب و المحتجين و الذي امتد إلى العديد من المواطنين و ممتلكاتهم - باتجاه المحاكم الدولية و الأوربية و مجلس الأمن و تمكنت هذه المنظمات من الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ مواقف جادة تدعو إلى وقف المجازر و الجرائم التي تقام بحق المدنيين في سورية.

و في الوقت الذي تحركت به الدول الغربية استجابة للضغط الشعبي الممثل بالمنظمات المدنية و الحقوقية في محاولة لدفع النظام السوري إلى التوقف عن الممارسات الغير إنسانية و التي تخالف كل المواثيق و المعاهدات الدولية و البدء بالإصلاحات الفعلية أو تنحي الرئيس عن السلطة. و في حين توصلت الدول الغربية إلى مسودة قرار ترفعه إلى مجلس الأمن ليس لفرض عقويات أو القيام بعمل عسكري ضد سورية بل لأجل أن تدين به الجرائم التي يقوم بها النظام السوري ضد الإنسانية و انتهاك حقوق الإنسان و الاعتقالات التعسفية و تعذيب المتظاهرين السلميين ، و بحسب ما أوردته رويترز في مقالتها بتاريخ 28 مايو 2011

http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE74R00320110528?sp=true

خرج بيان صحفي من منظمة المؤتمر الإسلامي بتاريخ 22 مايو 2011 يعتبر مسودة القرار تدخلا في الشأن السوري الداخلي و يطلب حذف جزء من نص المسودة الذي من شأنه أن يضعف القرار و تأثيره على النظام السوري ، كما طلب مبعوث المنظمة في الأمم المتحدة جوكجين بتاريخ 26 مايو 2011 من سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة الذي سيرأس جلسة مجلس الأمن عدم الإشارة إلى بيان المنظمة في حذف الجزء المطلوب من مسودة القرار ، في بادرة تدعو للشك و الريبة من موقف منظمة المؤتمر الإسلامي.

و السؤال الذي يصدع الرأس ما الذي تخطط له منظمة المؤتمر الإسلامي من موقفها هذا ؟

هل هو وقوف مع محور المقاومة و الممانعة الذي ثبت بالدليل القاطع كذبه و خداعه و التفافه على مصالح شعوب المنطقة و تجييرها لمصالح الأسرة الحاكمة في سورية و الأطماع المذهبية في التوسع و السيطرة على بلاد الشام كلها و حماية أمن إسرائيل كما صرح رامي مخلوف أحد افطاب السلطة السورية. أم ممالاءة الكيان الصهيوني و استرضاء حلفائه ، أم هو الخوف من فشل الثورة و انتصار النظام على الشعب و المخاطرة بمصالح المنظمة مع أحد أعضاء المنظمة الفاعلين.

و مهما كانت الأسباب التي دعت لهذه المحاولة الدنيئة فإنها أتت بهدف تفريغ محتوى القرار من أثره على ردع النظام السوري في التعامل مع المتظاهرين و الذي قد يمنح المبرر لروسيا و الصين استخدام الفيتو ضد القرار و مما يشير إلى ذلك تصريح نائب وزير خارجية روسيا سيرجي ريابكوف الذي ألمح إلى احتمال استخدام روسيا الفيتو عندما قال "إن مشروع القرار في غير أوانه و مضر" و أضاف "أنه ليست هناك أسباب لبحث هذه القضية في مجلس الأمن الدولي".

و في ضوء ما تقدم تنكشف وجوه كثيرة لا يهمها إلا حفظ مصالحها غير عابئة بضحايا ثورة الشعب السوري الذي فاقت في عددها و ألامها كل ثورات الأمم عبر التاريخ و لا زالت تسطر الملاحم في إصرارها على السلمية للوصول إلى أهدافها المشروعة في الدستور و القانون ، هذه الوجوه تتغافل عن حقيقة تاريخية لا تخفى على ذي عقل أو بصيرة أن الشعوب هي التي تنتصر في النهاية مهما طال الصراع مع أنظمتها القمعية الديكتاتورية و أن الذين يراهنون على الشعوب هم الرابحون في النهاية.


by جميل داغستاني on Sunday, May 29, 2011 at 1:42pm

السبت، 28 مايو 2011

لماذا القمع ؟ ...

كل المجتمعات تقودها أنظمة تدير شؤونها و تسعى إلى تحقيق مصالحها .. يخضع كل نظام من هذه الأنظمة لرقابة المجتمع الذي أوجده .. و من حين لآخر تقوم المجتمعات باستبدال إدارة هذه الأنظمة للحفاظ على استمرار النمو و الاستفادة من كل أطياف المجتمعات و التقدم بها نحو الأفضل.

عملية الاستبدال هذه تختلف طريقتها من مجتمع إلى آخر .. ففي المجتمعات ذات الأنظمة الديقراطية تقوم الأحزاب بعملية التنافس من خلال تقديم البرامج التنموية و التطويرية الأكثر انسجاماً مع أوضاع الأمة و مشاكلها و الأكثر تلبية لاحتياجاتها و تحقيقاً لآمالها و طموحاتها .. بينما في المجتمعات التي سيطرة عليها أنظمة ديكتاتورية فإن عملية الاستبدال تغدو ضرباً من ضروب المستحيل بسبب هيمنة إدارة هذه الأنظمة على كل مؤسسات الدولة الاقتصادية و المالية و العسكرية و العلمية و المدنية و السياسية .. و كلما كان إطباق هذه الأنظمة على السلطات التشريعية و القضائية محكماً كلما صعبت عملية الاستبدال و أصبحت تكلفتها باهظة على المجتمع .. و في هذه الحالة تلجأ المجتمعات إلى الصبر على هذه الأنظمة و محاولة إصلاحها بدلاً من استبدالها للتكلفة الكبيرة التي ستتحملها من جراء التغيير و يصبح الإصلاح هو الحل الأفضل.

لكن عندما يصبح الإصلاح متعثراً بسبب الفساد و تصبح تكلفة بقاء هذه الأنظمة الديكتاتورية أكبر من تكلفة استبدالها فإن البطالة و الفقر و التخلف و الرشوة و الجريمة تبدأ مؤشراتها بالتزايد و تبدأ مؤشرات الخدمات التعليمية و الصحية و مكافحة الفساد بالانخفاض و تزداد طبقة الفقراء اتساعاً و الطبقة الوسطى انكماشاً و تظهر طبقة من مصاصي الدماء ممن يديرون أو يشاركون في إدارة هذا النظام تنظر إلى المواطنين على أنهم عبيد  ليس لهم إلا الرضى و الخدمة أو الاعقال و السجون و عندها تجد المجتمعات نفسها مضطرة إلى الاصطدام مع الأنظمة و البدء بعملية استرجاع السيادة و السلطة و القيام بالاستبدال القسري.

إن المجتمع الذي يحكمه نظام ديمقراطي يقوم بتداول إدارة النظام ( السلطة ) من خلال المنافسة القانونية في انتخابات نزيهة و الوصول إلى الحكم بطرق دستورية ، هذه الطرق تكون تكلفتها قليلة مقابل الفوائد التي ستجنيها الأمة من تمكين إدارات مختلفة و متعاقبة و الاستفادة من خبراتها الجديدة. في حين أن المجتمع الذي يسيطر عليه نظام ديكتاتوري يعمل دوماً على سحق أي شكل من أشكال المعارضة و إن كانت ضيقة الاتساع أو حتى فردية.

و لذلك عندما يفقد المجتمع - الذي تسيطر عليه الأنظمة الديكتاتورية – الأمل في قيام إصلاحات جدية ينهض إلى إجراء عملية التغيير لإدارة هذا النظام و بالتالي فإن هذا النظام الذي اعتاد على القطب الواحد لا يجد طريقاً آخر للتعامل مع المجتمع سوى بالقمع ، و للبدء باستخدام القمع و ضمان نتائجه في التخلص من الحركات الاحتجاجية لا بد للنظام من إقناع المجتمع المحلي و الدولي بضرورته عن طريق اختلاق الدوافع الأخلاقية و القانونية اللازمة لتبريره.

فيأتي الغطاء الأخلاقي تعبيراً عن حاجة إنسانية تقي ضمائر رجال النظام و مؤيديه من محاسبة أنفسهم على قمع الشعب أو تعذيبه أو قتله أو اعتقاله أو الموافقة على أي فكرة سيئة تلصق بنشطائه و محتجيه. مثل حماية المحتجين من التغرير بهم و منعهم من التورط في أعمال مشبوهة تؤذي المجتمع و تهدد قيمه و أخلاقه أو مثل تبني مؤامرات خارجية هدفها النيل من سمعة الأمة و مقاومتها و شرفها.
ثم يأتي الغطاء القانوني تعبيراً عن الحاجة العقلية للاقتناع و الذي يمثل المبرارات المنطقية مثل عدم الالتزام بالقوانين و تخريب الممتلكات العامة و الاعتداء على المواطنين الآمنين و تهديدهم و ترويعهم أو الانضمام إلى منظمات محظورة تهدد أمن المجتمع و تعايشه السلمي.

و هكذا فإن القمع ليس حلاً مناسباً للإصلاحات السياسية أو الاقتصادية أو أي مشكلة داخلية لا بل على العكس هو أول مرحلة على طريق سقوط النظام أو احتلال المجتمعات الذي يؤدي إلى الحرب الأهلية.
و بالتالي فإن اتخاذ القمع كحلٍ في مواجهة دعوات الإصلاح و التغيير هو الإشارة المباشرة على وجه الديكتاتورية القبيحة التي أثيتت النواميس الكونية زوالها بطريقة أو بأخرى.


by جميل داغستاني on Saturday, May 28, 2011 at 5:35pm

من أحمد ابن العميد التلاوي إلى حمزة الخطيب ..

أنا و أنت يا أخي أخوة بالقمع و التعذيب .. أخوة بالقتل و التمثيل ..

ربما كنت أفضل حالا منك إذ لم يعذبني جلادي قبل قتلي لكني نلت نفس المصير ..

كلانا يا أخي رميت أجسادنا على أعتاب الحرية تصرخ و تنادي أين الرحمة أين الضمير ..

كلانا يا أخي صرخت أمهاتنا ألماً أوصل أناتها الحزن إلى كل قلب طيب كسير ..

كلانا كان سبباً احتاجه من أراد قمع الأحرارِ و إرهابَ الأهل و اختلاقَ عدوٍ لقتل المزيد ..

كلانا يا أخي رفعت له الأعلام تخفق تنادي تستنهض القوم للتغيير ..

كلانا يا أخي عشنا حياةً سامها الذل و الظلم و القهر و التبرير ..

اختطفوا مستقبلنا و استأثروا بثرواتنا و منعونا حقوقنا و حرمونا حتى الحلم الصغير ..

و حين صرخ أهلنا بالحرية كنا ضحايا الجلاد و إثمه و كنا عنوان التحرير ..

كلانا يا أخي بتنا للشعب رمزا يستثير كل حرٍ ضد الظلم و الفساد و الإجرام و التنكيل ..

كلانا يا أخي باتت دماه دليلاً يسترشد بها الأحرار في ظلام المسير ..


by جميل داغستاني on Saturday, May 28, 2011 at 12:45pm

الأربعاء، 25 مايو 2011

من هو البديل ؟ ....

لعله من أكثر الأسئلة طرحاً هذه الأيام في كل مكان على الفضائيات في المنتديات في المجالس الخاصة و كل من أراد أن يبدو مهتماً و أنه مؤيد للثورة إلا أنه لا يرى لها أملاً ، يسألك مباشرة:
من هو البديل ؟ ...
و ترى عليه علامات الاستياء ..

و الحقيقة أني أرد على هذا السؤال بسؤال آخر ، بديل لمن ؟
و تشعر أنهم يمتعضون من هذا الجواب ، و يقولون بانزعاج طبعا ً البديل لهذا النظام ، و أقول لهم راداً إنه نظام آخر يكون محققاً لتطلعات الناس في الحرية و الكرامة و التنمية.

و من ثم يأتيك السؤال التالي: و من هم الذين سيديرون هذا النظام ؟ و أقول هم طبعاً أناس من هذا الشعب ...
إلا أنك لا تحس أن هذا الجواب أعجبهم فيبادرونك بسؤال آخر: و من البديل للرئيس ؟ و يفسرونها لك لألا تضيع عنك يعني هل هناك من هو أجدر من الرئيس الحالي بالرئاسة و له الخبرة و ولاء الشعب حتى يستطيع أن يدير البلاد ؟

و هنا يتجلى مظهران إما أن السائل لا يعرف لإدارة الدول إلى طريقة واحدة هي طريقة القائد الفرد في الدولة الذي له أمر كل صغير و كبير ، و هي التي كرسها النظام السوري خلال الأربعين سنة الماضية. أو أن هذا الرجل لا يفقه في الحكم شيئا و لايعرف عن قيام الدول و إدارتها شيء.

و في كلا الحالين لا بد أن يفهم السائل أن الدول بمفهوم المواطنة و المشاركة هي تلك التي تبنى على الدساتير و القوانين و تدار من خلال مجموعة من المؤسسات المختلفة الوظائف فيها السلطات التشريعيةالتي تضع الدستور و تسن القوانين و تختار القيادات المناسبة و تراقب أداءهم و السلطات التنفيذية التي تقوم على صياغة أهداف الأمة و العمل على تحقيقها من خلال الالتزام بدستور البلاد و قوانين الدولة ، تحكم فيما بينها و ما بين شعوبها سلطات قضائية مستقلة تكون صمام الأمان عند حدوث الخلافات و النزاعات ، هذه الدول لها جيوش تدافع عن أرضها و تحمي شعبها من كل طامع أو معتد ، و لها أمنها الذي يحفظها من المجرمين و المخربين. كل شيء قد ضبط بقوانين و إجراءات محددة ، لا يستطيع أن يتجاوزها أحد أو يتجاهلها.

هذه الدولة السلطة و السيادة فيها للشعب الذي تمثله السلطات التشريعية ، الحكومة فيها هي صاحبة السلطات التنفيذية التي تعينها السلطات التشريعية أو توافق عليها.
هذه الدولة رأسها خادم لشعبه وجوده مرتبط بتأمين مصالحها التي تقره عليها السلطات التشريعية و الشعب الذي ينتخبه.

هذه الدولة التي تحكمها قوانين عادلة واضحة يسري سلطانها على جميع المواطنين بدو استثناء ، المواطنة فيها حق للجميع تحت سقف الدستور و الالتزام بالقانون لا فرق فيها بين مواطن أو آخر إلا بمدى التزامه بقوانينها و تطبيقه لها و بمقدار ما يقدم لشعبه. هذه الدولة التي تتحكم بها معايير و مواصفات محددة  لا تستثني أحداً و لا يتجاوزها أحد ، لا مجال فيها للفساد أو الظلم أو إذلال الناس ، لا يستطيع أن يستأثر السلطة فيها الموظفون، كل شيء فيها واضح و متاح. لا يشقى فيها الفقير أو يتعالى فيها الغني و لا يستأسد فيها الخفير أو الوزير ، الناس فيها سواسية ، و العدل فيها هو السائد.

في هذه الدولة ليس مهماً شخص القائد فيها أو الرئيس أو أي صاحب منصب و ليس مهماً بأي فكر يؤمن ، طالما أنه ملتزم بقوانينها و دستورها.

فلماذا القلق على وجود البديل ؟ و البديل كثير ...


by جميل داغستاني on Wednesday, May 25, 2011 at 2:54pm

على أعتاب مؤتمر أنطاليا

لن أتحدث عن موقف السلطة من المؤتمر و لا أجد من داع لذلك فمهما يقولوا أو يفعلوا فهم الخصم في كل الأحوال. لكن العجب العجاب هو ذلك الامتعاض الذي خرج من بعض صفوف المعارضة السورية تجاه هذا المؤتمر و كأن شيئا قد لسعهم عند صدور الدعوة إليه.

في الحقيقة لقد وصل على بريدي الإلكتروني من أحد الأصدقاء موجز عن الدكتور عمار قربي مقتطع من مكان ما و معه رابط لم أدقق فيه، و ما إن بدأت القراءة في هذا النص الموجز حول الدكتور عمار قربي حتى استحوذت علي كل علامات التعجب فقد بدا هذا النص و كأنه كتبته جهة استخباراتية سورية فبادرت إلى ضغط الرابط المرفق لأطلع على الخبر كاملاً و بدأت القراءة و إذا بها مقالة تتناول الإعلان عن مؤتمر أنطاليا في تركيا الذي تداعت إليه أطياف المعارضة السورية في الخارج.

و الذي استثارني أن المقال يستشهد بنص الإعلان عن المؤتمر و يصفه بالطائفي و أنه مريب إذ يجمع بين دعاة الفكر المادي اللاديني مع مجرمين جنائيين و مرتزقة لدى أل الحريري و الوهابية المتصهينة كما يقول ، وسأورد الرابط في نهاية هذه المقالة.

كما أن هذا المقال احتوى كماً هائلا من الاتهامات الرهيبة الغير مدعومة بالأدلة و الوثائق و التي تتناول عددا من رموز المعارضة بالتخوين و العمالة للمخابرات الأمريكية و الإسرائيلية تارة و تارة بالتلويح بالعمالة للمخابرات السورية و تشهر بهم أيما تشهير.

منهم: عبد الرزاق عيد ، إيمان شاكر ، عبد الإله طراد الملحم ، رضوان زيادة ، عبد الأحد سطيفو ، محمد العبد الله ،غسان عبود ، حكم البابا ، عمار قربي ، مأمون الحمصي.

و تساءلت: ألا يريد هذا النظام أن يبقي على أحد من المعارضين ؟!! فالذين في الداخل أصبحوا من رواد السجون و منهم من يحاكم في قضايا قد تصل عقوبتها إلى الإعدام مثل نجاتي طيارة و هيثم المالح و غسان النجار بسبب كشفهم لحقيقة ما يدور على الأرض من مجازر و جرائم دموية و منهم من أصبح سجله محكوم مثل كل السياسيين الوطنيين المعارضين من الترك إلى عارف دليله إلى أكرم البني ، و كلهم من خيرة القوم و مثقفيه . و أما الذين في الخارج فهم خونة و عملاء.

إذاً من سيمثل هؤلاء الشباب الذين يخرجون كل يوم بصدورهم العارية يواجهون بها الرصاص و القتل ؟ هل المقصود إظهار هذه الثورة و كأنها ثورة رعاع و مخربين و خارجين عن القانون ليس فيهم مثقف و لا حقوقي و لا سياسي و لذا يجب التخلص منهم بأي طريقة أو وسيلة ، و هذا فعلا ما يخطط له النظام و أكبر دليل على ذلكتصريحات بسام أبو عبد الله على الجزيرة و العربية بين الفينة و الأخرى بأن هؤلاء المتظاهرين كلهم من حثالة المجتمع ليس فيهم من يحمل شهادة جامعية و أنه هو صاحب الشهادات العالية و من مثله يرفضون أن يكون هؤلاء المتظاهرين ممثلين لهم.

ثم قلت في نفسي و من سيعبأ بهذه المقالة المغرضة التي تفوح منها رائحة التشهير المتعمد و النية واضحة هي استباق نتائج المؤتمر و حرمانها الشرعية و نزع صفة الوطنية عنها.

لكن بقي شيء واحد يدور في صدري من هذا الذي كتب هذا المقال و من هو الموقع الذي نشر المقالو إليكم المفاجأة فهذا هو الرابط الذي لم أنتبه له منذ البداية كان:

http://www.syriatruth.info/content/view/2333/36/

الكاتب نزار نيوف و الموقع هو الحقيقة.
لا أدري مالذي دفع نزار نيوف إلى هذا التشهير الغير موثق ؟!! و ما الهدف الذي يراه من هذا التشهير في هذا الوقت على أعتاب مؤتمر أنطاليا ؟!! و لما لم يصدر هذا المقال قبل ذلك عن هذه الشخصيات المعارضة و التي مضى على نشاطها في المعارضة و حقوق الإنسان من خارج سورية فترة طويلة ؟!! هل لأنه لم يدع ؟!! ....


by جميل داغستاني on Wednesday, May 25, 2011 at 9:04am