الأحد، 29 يوليو 2012

المقلب الكبير


أتى إلي أحد الخلص من الأصحاب شاكياً يسر لي ما حدث له مع أخيه .. يرجو ببوح سره أن يستريح مما ينتابه من الأحاسيس التي لا يعرف كيف يتعامل معها قال لي:
صديق الطفولة و الشباب أخي .. أصبح المصنع الذي يديره تحت تصرفه .. سألته وأين كفيلك .. قال لديه أعمال أخرى و يريد أن يتخلص من مشكلات إدارة هذا المصنع و رواتب الموظفين و حسابات الموردين و ديون الزبائن .. فعهده لي مقابل اقتطاع سنوي اتفقنا عليه أدفعه له في كل شهر .. و أصبحت الإدارة لي بالكامل .. أصنع ما أشاء .. قلت له و رأس المال قال قد تم تحديده .. أسدده له من الأرباح ..
و الحقيقة أني فرحت له ، لكن بنفس الوقت خشيت عليه من هذا النوع من الاتفاقات الغير قانونية التي غالباً ما تنتهي بضياع الحقوق و بالظلم فيما بين الطرفين
..
و مرت السنوات و كنت أرى أنه يغرق في مشكلات إدارية قد تودي بتعبه .. كنت ألفت انتباهه لها في كل مرة أزوره و أحثه على العمل على حلها فوراً .. كان يقول لا أريد لكفيلي أن يعرف طريقة إدارتي للعمل و ما حقق من أرباح حتى لا يصيبه الطمع و يرفع مبلغ اقتطاعه الشهري..

في أحد الأيام عندما كنت في مكتبه الرئيسي بعد أن أصبح لديه عدة فروع  .. انهالت عليه المشاكل من كل حدب و صوب و لم يعرف كيف يجد لها مخرجاً .. كلما تخلص من مشكلة ظهرت له مشكلتان و هكذا .. حتى استنجد بي أن أجد له حلاً إدارياً يحافظ له على خصوصية إدارته بما فيها الحسابات المالية من أن تكون في متناول اليد لأي كان من أن يطلع عليها و خصوصاً كفيله ..
في الحقيقة كان الشرط في غاية الصعوبة .. قضيت عنده يومين لأجد له الحل .. قابلت موظفيه .. راجعت ملفاته .. راقبت طريقة عمله .. ثم اتضحت فكرة الحل .. عرضت عليه الفكرة فأعجبته .. و طلب مني التنفيذ .. حددت له التكلفة .. فرآها زهيدة مقابل الحل ..
رجعت إلى مكتبي و استدعيت بعض المختصين .. عملت معهم لتصميم الحل .. عرضت التصميم على المبرمجين لتحديد التكلفة و الوقت .. ثم كلمته و أرسلت له ملف الدراسة و التصميم للاطلاع ربما كان لديه تعديل أو اقتراح .. و انتظرت طويلاً لأعرف رأيه و عذرته لأني أعرف ضعف خبرته الإدارية و التقنية لكن في النهاية أعلمني بموافقته .. بدأنا العمل .. شارفنا على الانتهاء .. اتصلت به لتحديد موعد التركيب .. فأحسست أنه يتلاعب معي بالمواعيد .. ثم بدأ يحاول أن يفهمني أن أنواعاً من الحلول متاحة في الأسواق قد تكون مناسبة و ربما بأسعار منافسة .. و هو يعلم أنه لا يوجد لمشاكله حل في الأسواق .. يقول كلاماً لا يعرف عن ماذا يتكلم .. تحاول أن تشرح له فيدعي أنه فهم و يؤكد لك ارتباطه بالموعد .. و عندما يحين الموعد ، يرسل رسالة اعتذار و يطلب مني الانتظار لتحديد موعد آخر .. تحاول أن تكلمه لتعرف الأسباب و لكن لا يرد .. انتظرت يوم يومين ثلاثة أربعة أسبوع أسبوعين ثلاثة و لا أستطيع الوصول إليه .. و بعد إلحاح و إصرار شديدين رد علي و أخبرني أنه محرج مني و أن كفيله علم بالأمر و رفض رفضاً قاطعاً .. و حق له .. لكن السؤال المزعج كيف علم إذا كان شرطك ألا يعلم .. لكنه وعدني انه سيحاول إقناعه و خلال أيام قليلة سيحدد موعدا للتركيب .. و كأن مشكلتي هي مع كفيله و لا أدري ما علاقتي بكفيله .. و يا ليت كان الاتفاق مع كفيله لكانت القضية قد حلت مع صاحب الأمر .. و مضت الأيام و الأسابيع .. و لم يتصل أبداً و لم يرد أبداً .. ثم وجدت نفسي مضطرا لدفع التكلفة عنه ..

مضت الأيام و الشهور ثم جمعتنا الصدف .. طلبت منه تفسيراً .. فحاول التهرب بشتى الطرق و لما لم يجد مهرباً قال بصراحة كفيلي رفض تركيب النظام .. قلت سبق أن أخبرتني بهذا و مع ذلك هذا لا يعفيك من دفع التكلفة .. قال بصراحة لقد عرض كفيلي الدراسة و التصاميم على مبرمج فطلب منه ربع السعر .. قلت له لما لم تخبرني ؟ أو لما لم تجمعني به ؟ فأطرق قائلاً لقد خجلت من كفيلي و أنت أخي و صديقي العزيز تطلب مني أضعاف التكلفة ..
في الحقيقة لقد كان هذا درساً قاسياً على كل المستويات ..
أولاً هو لا يدرك كلفة الوصول إلى الحل ..
ثانياً لا يدرك أيضا قيمة تصميم الحل ..
ثالثاً هو لم يتأكد من أن السعر الذي حصل عليه كفيله هي لنفس المواصفات المحددة في الدراسة  أم لا و مدى مطابقتها للمواصفات ..
رابعاً لقد قام باستخدام الدراسة و التصاميم الجاهزة للتنفيذ و التي لا نعدها إلا للعملاء بعد الاتفاق على كل التفاصيل ، في الوقت الذي كان عليه أن يطلب مني أن أعد له دراسة أخرى الهدف منها التسعير و هي ما يعرف بكراسة المواصفات كراسة "المناقصة" و هي تختلف كثيراً و تتطلب جهداً أقل بكثير ..
خامساً تصرف معي بمنتهى سوء الأخلاق إذ تطلب معرفة حقيقة ما حدث تسعة أشهر ..
سادساً دفعت التكلفة من جيبي الشخصي ..

في النهاية  و بعد مضي أكثر من سنة و نصف هو يحاول عودة الأمور إلى سابق عهدها و لا أعرف كيف أنظر في وجهه مرة ثانية .. لقد استغلني أبشع استغلال من جهة ثم رضي لي أن أظهر أمام كفيله بمظهر الذي يخدع أصحابه ليسرقهم ثم حاكمني هو و كفيله و حكما علي غيابياً ثم نفذ هو الحكم بي .. فازدراني تسعة أشهر و كبدني تكلفة التنفيذ من جيبي و لم يكتف بهذا بل بث رسائل توحي بما حكم علي لبعض المقربين مني ..
يعني استغلال و اتهام بدون علم و تجريم و حكم بدون وجه حق و غرامة لا تتناسب حتى مع الحكم الظالم الذي حكموه و فوق كل هذا تشهير و الأنكى أني لم أعرف إلا بعد تسعة أشهر .. فما هذا الظلم ؟!!

الآن هذه تمام سنة كاملة و أنا أكتم مظلمتي و كلما تذكرت ما فعل بي لا أستطيع النوم .. و حتى هذه اللحظة و أنا أروي لك ما جرى لا أعرف كيف أرد مظلمتي أخاف أن أتسبب في خسارة أكبر على مستوى العائلة و القرابة و العشرة .. أرجوك هل لديك حل لأخيك ؟

هناك تعليق واحد:

  1. فعلا انه مقلب ..
    ولكني الحقيقة محتار في طريقة سردك للقصة فأنت تمزج بطريقة مقصودة بين ما حدث لصاحبك الشاكي لك وبينك حتى انك لتنهيها بسؤال قد يظن القارىء انه موجه له للاجابة عليه ... "أرجوك هل لديك حل لأخيك ؟"

    ردحذف