الأحد، 24 يونيو 2012

الخديعة الكبرى

كنت أتصور أن أسوأ جيش احتلال في هذا الزمان هم الإسرائيليون لكن للحقيقة والتاريخ فقد جاوز عناصر الاحتلال الأسدي أسيادهم الصهاينة إجراماً بأشواط كثيرة و هذا الإجرام لم يقع على شعبنا فقط بل تعداه إلى جنود و شبيحة هذا الاحتلال .. و في الوقت الذي يستبسل فيه الصهاينة لألا يتركوا جثث عناصرهم في ساحات المعارك إلا و أخلوها ، فإن مرتزقة الأسد كانوا يتركون خلفهم جثث زملائهم و ينسحبون عند أقل خطر و يمتنعون عن سحب جثث زملائهم ..

و الطريف في الموضوع أن حزب الله اللبناني لما نجح بالاستحواذ على ثلاثة أو أربعة قتلى إسرائيليين في معارك 2006 و استطاع أن يتم عملية مبادلة جثثهم بما يقارب الألف أسير لبناني فإن الجيش السوري الحر كثيراً ما يواجه مشاكل في عملية إخلاء جثث عناصر الاحتلال الأسدي لرفض ضباطهم و قواتهم إخلاءهم ..

و الأطرف في هذا الموضوع أن قيادات الجيش الحر يتعهدون لضباط الاحتلال الأسدي حتى بالانسحاب من المنطقة ليفسحوا المجال لهم و يشجعونهم على استعادة جثث زملائهم ، لكن للأسف يرفض ضباط الاحتلال الأسدي القيام بعمليات الإخلاء ..

و السبب الأكيد وراء سلوكهم هذا هو خوفهم من أن يقوم عناصر الجيش الحر بالغدر بهم كما يفعلون هم بالمدنيين الذين يصطادونهم و يقتلون كل من يحاول إخلاءهم ..  وظني بالناس كظني بنفسي .. و المؤلم في الأمر أن عناضر الجيش الحر يحاولون في الكثير من الأوقات إخلاء جثث الشبيحة و عناصر الاحتلال إلا أنهم يتعرضون للقنص و تفتح عليهم النيران الكثيفة ..

و الغريب في الموضوع أن  مناطق كثيرة من سورية قد فاضت بالجثث المتعفنة و المتفسخة التي يرفض الأسديون سحبها من الطرقات و التي باتت تنشر الأوبئة و الأمراض ، و الأكثر غرابة أن الجيش الأسدي لا زال مصراً على أن هذه الجثث هي لأشخاص مختطفين لم يبلغ عنهم بعد ..

و ما يدعوا للسخرية أن عناصر الجيش الحر  بعد كل التحام مع هؤلاء الجبناء و سقوط أعداد منهم و فرارهم كانوا يفتشون هؤلاء المرتزقة و يحصلون على بطاقات هوياتهم و أجهزة اتصالهم "موبايلاتهم" و بغض النظر عما اكتشفوه من أن قسماً من هؤلاء المرتزقة ليسوا بعسكريين أصلاً فإنهم يعلنون عن أسمائهم في لوائح تنشر هنا و هناك بين الفينة و الأخرى على صفحات الشبكات الاجتماعية ، و في الوقت الذي يكذب النظام و يرفض الاعتراف بصحة هذه اللوائح فإنه يرفض أيضاً إبلاغ الموالين له عن مقتل أبنائهم ..

و ما يصدم المرء هو ما يجده عناصر الجيش الحر في جوالات هؤلاء المرتزقة من فيديوهات لجرائم يندى لها جبين البشرية و أما الرسائل التي تأتي من أمهات و خطيبات و أصدقاء الجنود و الشبيحة التي تتفاوت في كشف الحقيقة وراء مشاركة هؤلاء المرتزقة في قتل أخوانهم السوريين ، ما بين مخدوع و مضحوك عليه بحكاية العصابات الإسلامية المسلحة و الحرب الأهلية و ما بين من تم تعبئتهم  عقائدياً لذبح أهل السنة و الانتصار لمذهب النصرية ..

و في الحقيقة فإن النظام الأسدي قام و يقوم بخديعة الموالين له خديعة مركبة و خصوصاً أبناء الطائفة النصيرية ، أولاً إذ جعلهم مادة الجيش و الأمن و أقنعهم بأنهم هم حرس الوطن و أن أبناء الشعب هم خونة حتى يثبت العكس فحرمهم من الانخراط في الحياة العامة بصفتهم مواطنين مثل بقية المواطنين ، و أصم آذانهم عما يقول الشعب و أعمى بصائرهم عما يعاني و اعتبروا أن ضنك الحياة التي يعانون منها هي بسبب هذا الشعب ، فحولهم النظام الأسدي إلى مستوطنين بدلاً من مواطنين ، و من هنا استطاع أن يحشو أذهانهم بأن الثورة هي حرب طائفية يقوم بها أهل السنة على النصيرية و أن هناك عصابات إسلامية مسلحة تهدد بإبادة الطائفة و عليهم أن يحاربوا إلى جانبه للدفاع عن أنفسهم قبل كل شيء ثم للمحافظة على بقاء حكمه ، و هكذا حول أولادهم إلى مرتزقة يغزون جيرانهم في القرى و الأحياء الآمنة ليعيثوا فيها فساداً و خراباً و نهباً ، و عندما يسقط منهم الجرحى و القتلى في مواجهاتهم مع الأهالي ، فإن قواتهم الأسدية تترك جثث قتلاهم في الطرقات لكلاب الشوارع تنهشها ، و من يخلى من الجرحى و تكون حالتهم حرجة تعمد كوادرهم الطبية إلى حقنهم بمواد قاتلة للتخلص منهم بعد أن فاضت المشافي القليلة الباقية بالجرحى و التي نجت من تدميرهم ، و عندما يسأل الأهل بعد طول غياب يكذب النظام الأسدي عليهم مدعياً أن أولادهم قد اختطفوا و لا يعلم أين هم ..

و السؤال الذي يفرض نفسه هو :
ماذا سيكون موقف الموالين للأسد من كذبه عليهم و خداع أجهزته الأمنية لهم بعد أن يكتسفوا الحقيقة ؟
و إلى أي حد سيحافظون على ولائهم له و يقدمون أولادهم قرابين على مذبحه ؟
و إلى أي درجة سيبقى وعيهم مغيباً عن الواقع و إدراكهم للحقائق يلفه الوهم ؟
و إلى أي درك سوف تصل بهم هذه الخديعة الكبرى في أعين السوريين و العالم ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق